الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يشكل الاقتصاد الإبداعي أحد الركائز الحديثة لتنويع مصادر الدخل وتحقيق التنمية المستدامة حيث يعتمد على التكنولوجيا والاستثمار في المعرفة مما يجعله محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي في العالم. ظهر هذا المفهوم بالتزامن مع الثورة التكنولوجية الحديثة حيث أصبح تحويل الأفكار الإبداعية إلى مشروعات تجارية مربحة أمراً ممكناً بفضل التقنيات الرقمية المتقدمة. ويشمل الاقتصاد الإبداعي العديد من القطاعات مثل الإعلان والعمارة والفنون والتصميم والأزياء والأفلام والموسيقى والبرمجيات وألعاب الحاسوب مما يتيح فرصاً اقتصادية واسعة خصوصاً للشباب الذين يتمتعون بقدرات رقمية متقدمة.
أشار تقرير الاقتصاد الإبداعي الرقمي لعام 2024 الذي أطلقه حي دبي للتصميم ومدينة دبي للإعلام إلى أن الاقتصاد الإبداعي العالمي يحقق نمواً سنوياً مركباً بنسبة 11% ومن المتوقع أن تبلغ قيمته 27 تريليون درهم إماراتي بحلول عام 2030. ويعود هذا النمو إلى تطبيق تقنيات متطورة مثل الذكاء الاصطناعي والجيل الثالث للويب والواقع الافتراضي التي أسهمت في تنويع مصادر الدخل وخلق وظائف جديدة تلبي احتياجات العصر الرقمي.
في السعودية تولي رؤية 2030 اهتماماً كبيراً بالاقتصاد الإبداعي كأحد القطاعات الحيوية لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. وقد تم إطلاق العديد من المبادرات والمشروعات لدعم هذا القطاع، ومنها مشروع الحي الإبداعي في الرياض الذي يهدف إلى تحويل العاصمة إلى مركز عالمي للإبداع والابتكار من خلال إقامة شراكات محلية ودولية واستقطاب المواهب والاستثمارات في هذا المجال. يعد هذا المشروع خطوة مهمة نحو تطوير الاقتصاد السعودي من خلال دعم ريادة الأعمال الإبداعية وتعزيز القطاعات الثقافية والفنية مما يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص عمل جديدة للشباب السعودي.
الاقتصاد الإبداعي في السعودية لا يقتصر على المشاريع الضخمة فحسب بل يشمل أيضاً الفرص التي توفرها التكنولوجيا الرقمية للأفراد. على سبيل المثال شهدت المملكة نمواً ملحوظاً في قطاع صناعة المحتوى الرقمي حيث برز العديد من المبدعين السعوديين في مجالات مثل تصميم الجرافيك وإنتاج الفيديو وتطوير الألعاب الإلكترونية. كما أن منصات مثل مدى ومنشآت تقدم دعماً لرواد الأعمال في المجالات الإبداعية مما يساعد في تحويل الأفكار الابتكارية إلى مشاريع ناجحة تسهم في الاقتصاد الوطني.
إضافة إلى ذلك تلعب الفنون والترفيه دوراً مهماً في دعم الاقتصاد الإبداعي حيث استثمرت السعودية في مشاريع مثل بوليفارد رياض سيتي وموسم الرياض اللذين يوفران بيئة مثالية للفنانين والمصممين ورواد الأعمال لعرض أعمالهم والمشاركة في تنمية القطاع الإبداعي. كما أن صناعة الأفلام والتصوير الفوتوغرافي شهدت تطوراً ملحوظاً حيث تم تأسيس هيئة الأفلام السعودية لدعم الإنتاج السينمائي المحلي مما يعزز مكانة المملكة كمركز إبداعي في المنطقة.
يسهم الاقتصاد الإبداعي في تحسين مستوى معيشة الأفراد من خلال توفير فرص وظيفية جديدة في القطاعات الرقمية والإبداعية مما يتيح للشباب السعودي استثمار مهاراتهم في مجالات حديثة ومربحة. كما أنه يسهم في تعزيز الهوية الثقافية السعودية من خلال دعم الفنون والتراث المحلي مما يجعل الاقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة.
أخيراً يمثل الاقتصاد الإبداعي مستقبل التنمية الاقتصادية حيث يوفر فرصاً جديدة للنمو ويعتمد على التكنولوجيا الحديثة التي أصبحت أساس الاقتصاد العالمي. بفضل رؤية 2030 أصبح لهذا القطاع دور محوري في السعودية حيث يتم دعمه عبر المشروعات الكبرى والبرامج المخصصة لتمكين الشباب والمبدعين. وبذلك فإن تطوير الاقتصاد الإبداعي لا يسهم فقط في تحقيق التنويع الاقتصادي بل يجعل المملكة مركزاً عالمياً للابتكار والإبداع بما ينعكس إيجاباً على الأفراد والمجتمع ككل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال