الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظل رفع توقعاته للتضخم في الولايات المتحدة إلى 2.7% من 2.5%، قرر الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الإبقاء على أسعار الفائدة للمرة الثانية ضمن نطاق 4.25% إلى 4.5%، مع الإشارة إلى خفضين متوقعين بواقع 50 نقطة أساس خلال 2025، وبرغم سرعة تأثر الأسواق العالمية الإيجابي، يواصل الاحتياطي الفيدرالي تقييم تأثير السياسات الاقتصادية للرئيس دونالد ترمب على الاقتصاد الأميركي، والذي لا يزال يواجه ضغوطا تضخمية من جهة، ومخاوف تباطؤ النمو من جهة أخرى، مما يجعل قراراته النقدية أكثر حساسية وتأثيرا على الأسواق خلال هذا العام.
هذا التفاعل السريع للأسواق (ارتفعت الأسهم الأميركية، وقلصت السندات خسائرها)، يعكس ترقب المستثمرين لتيسير نقدي تدريجي من قبل الفيدرالي، وهو ما قد يدعم النمو الاقتصادي، لكنه قد يفتح الباب أمام أخطار أخرى، فإذا تباطأ الاقتصاد الأميركي بشكل أكبر من المتوقع، فقد نشهد موجة من التقلبات الحادة، أما إذا استمر التضخم مرتفعا، فقد يضطر الفيدرالي إلى إعادة النظر في قراره، مما قد يؤدي إلى حالة من عدم اليقين المالي.
لاقتصادنا الوطني، سيكون تأثير قرارات الفيدرالي الأميركي عليه متباينا عبر القطاعات، مثل – في حال خفض الفائدة – قد يُحفز القطاع المصرفي عبر زيادة الإقراض والاستثمار، وإن كان سيضغط على أرباح البنوك، وفي العقارات سيساهم في انخفاض تكلفة التمويل ومن ثمّ تنشيط الطلب والمشاريع العقارية، لكن قد ترتفع الأسعار بشكل مفرط، أما الصناعات غير النفطية، فستنمو مع تيسير التمويل وتحفيز الصادرات، لكن قوة الدولار قد تزيد تكاليف الاستيراد.
لذلك، يظل تأثير السياسة النقدية الأميركية على الاقتصاد السعودي – في العموم – مزدوجا، فمن الناحية الإيجابية، قد يؤدي خفض الفائدة إلى تقليل تكلفة الاقتراض داخل المملكة، مما يعزز الاستثمارات المحلية ويدعم نمو القطاع الخاص، لا سيما في ظل رؤية 2030 التي تركز على التنويع الاقتصادي، كما أن أي تحسن في الطلب العالمي على النفط سيؤدي إلى زيادة الإيرادات السعودية.
لكن من جهة أخرى، فإن ارتفاع الدولار قد يؤثر سلبا على الصادرات غير النفطية، كما أنه يجعل الصادرات النفطية أكثر تكلفة بالنسبة للدول التي تتعامل بعملات أخرى، مما قد يضغط على الأسعار،كما أن استمرار قوة الدولار قد يزيد الضغط على الاقتصادات الناشئة – بما فيها اقتصاد المملكة – حيث يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الديون وخروج بعض رؤوس الأموال نحو أسواق أخرى وبالأخص الأميركية.
وبرغم أي تحديات، يتميز الاقتصاد السعودي بمرونة عالية وخبرة طويلة في التعامل مع الأوضاع الاقتصادية العالمية المتقلبة، فقد واجهت المملكة أزمات عديدة، مثل انهيار أسعار النفط في الثمانينات والأزمة المالية العالمية في 2008، وتمكنت من إدارة المخاطر بفعالية، فالسياسة النقدية السعودية – التي تخضع لتخطيط استشرافي على أسس علمية وبإدارة متوازنة – أثبتت قدرتها على التعامل مع تقلبات الأسواق العالمية والحفاظ على الاستقرار المالي، ومع استمرار تنفيذ رؤية 2030، فإن تنويع مصادر الدخل سيقلل من تأثير أي تغيرات في السياسة النقدية الأميركية على الاقتصاد المحلي.
سيكون 2025 عاما محوريا في تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي، فقرارات الفيدرالي هي العامل الأبرز في تحديد اتجاه الأسواق، بينما ستظل المملكة العربية السعودية في موقع قوي للتعامل مع هذه التحولات، مستفيدة من خبرتها الاقتصادية العميقة وإدارتها المرنة للمتغيرات المالية العالمية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال