الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في أبريل 2010، نظمت شركة بروكتر آند غامبل ورشة عمل رائدة في التفكير التصميمي (Design Thinking)، بهدف تعلم كيفية تطوير منتجات تلبي احتياجات النساء الصينيات اللاتي يعشن بدخل لا يتجاوز دولارين يوميًا. أسفرت الورشة، التي استمرت يومين، عن توليد أكثر من 250 فكرة، وتم تحديد ستة أهداف تصميمية ملهمة من خلال زيارات ميدانية ومقابلات في المنازل. خلال هذا الحدث، تم إنشاء سبعة نماذج أعمال تعتمد على دخل الدولارين يوميًا، مما ساعد الشركة في تطوير العديد من منتجاتها لتلبية احتياجات أسواق جديدة وجذب شرائح مستهلكين لم تكن مستهدفة من قبل. بدأت رحلة بروكتر آند غامبل مع التفكير التصميمي في ربيع عام 2007، وهو منهج متعدد التخصصات يُستخدم لحل المشكلات التجارية المعقدة. يساعد هذا النهج في تطوير أفكار أكبر وأفضل بشكل أسرع وأكثر كفاءة. وقد أسست الشركة شبكة عالمية متعددة المهام تضم عشرات الموظفين الذين يتطوعون للعمل بروح المبادرة من خلال التدريب والتيسير والترويج للتفكير التصميمي داخل الشركة.
أصبح التفكير التصميمي مفهومًا بارزًا في عالم الأعمال، حيث غيّر طريقة تعامل الشركات مع التحديات. العديد من الشركات الكبرى، مثل جنرال إلكتريك هيلثكير، تتبنى مبادئ التفكير التصميمي لتطوير حلول مبتكرة وفعّالة. يتألف هذا النهج من عدة مراحل تبدأ بمرحلة التوضيح، التي تتطلب فهمًا عميقًا لاحتياجات المستخدمين . تليها مرحلة التفكير الإبداعي، حيث يتم توليد الأفكار بناءً على المشكلة المحددة. ثم تأتي مرحلة التطوير، التي يتم فيها اختبار الحلول المقترحة من خلال التجريب وتحليل فعاليتها. يشجع التفكير التصميمي على التكرار والعودة إلى المراحل السابقة عند الحاجة، حيث يُعتبر التعلم من النتائج مفتاحًا للنجاح. وأخيرًا، تأتي مرحلة التنفيذ، حيث يتم تطبيق الحلول المصممة بعناية. على سبيل المثال، ركزت جنرال إلكتريك هيلثكير على تحسين تجربة الأطفال خلال عمليات التصوير الطبي، حيث قامت بتحويل غرف التصوير إلى بيئات أكثر راحة، مما أدى إلى زيادة رضا المرضى وتحسين جودة الفحوصات، بناءً على تجارب المستخدمين واحتياجاتهم.
يُعد التفكير التصميمي أحد المدخلات الرئيسية للبحث والتطوير في الشركات الكبرى، مما يسهم في تعزيز الابتكار والتقدم الاقتصادي. ويلعب القطاع الخاص دورًا محوريًا في البحث والتطوير في العديد من الدول، حيث يمثل في إسرائيل (92%) وفيتنام (90%)، بينما يعتمد في دول أخرى بشكل أكبر على الإنفاق الحكومي. بحلول نهاية عام 2024، قام فريق مؤشر الابتكار العالمي بتحليل بيانات متنوعة لتقديم رؤى حول نشاط البحث والتطوير العالمي، مما كشف عن اتجاهات عالمية عامة وخصوصيات إقليمية لكل منطقة أو دولة. وجاء في هذا التحليل أنه رغم التحديات الاقتصادية والجائحة والتوترات الجيوسياسية، تضاعف الإنفاق العالمي على البحث والتطوير ثلاث مرات تقريبًا، من حوالي تريليون دولار عام 2000 إلى أكثر من 2.75 تريليون دولار عام 2023، مع زيادة حصته في الناتج المحلي الإجمالي العالمي من أقل من 1.5% إلى حوالي 2%. تقود الولايات المتحدة الإنفاق العالمي على البحث والتطوير بمبلغ 784 مليار دولار عام 2023، تليها الصين بـ723 مليار دولار، ثم اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والهند، بينما ينفق الاتحاد الأوروبي مجتمعًا حوالي 410 مليار دولار.
بالعودة إلى منهجية بروكتر آند غامبل في إدارة عملية التفكير التصميمي كمدخل للبحث والتطوير، نلاحظ أنها تركز على الإبداع والتعاون والابتكار الموجه نحو المستهلك. تبدأ العملية بفهم عميق لاحتياجات المستهلكين من خلال مقابلات وجمع رؤى من المستخدمين المحتملين لتحديد التحديات والرغبات. من خلال التفاعل مع المستهلكين في بيئتهم الطبيعية، يجمع فريق الشركة رؤى قيمة حول المشكلات التي يواجهونها، مثل احتياجات النساء في العناية ببشرتهن أو شعرهن. بعد ذلك، تشارك فرق متعددة التخصصات في جلسات عصف ذهني لتوليد أفكار تعالج الاحتياجات غير الملباة. يتم تحويل العديد من هذه الأفكار إلى نماذج أولية، مما يسمح للشركة باختبار التركيبات وطرق التعبئة والتطبيق. بعد ذلك، تخضع النماذج لاختبارات مع المستخدمين الحقيقيين، ويتم جمع ملاحظات المستهلكين، ودمجها في التصميم النهائي لضمان تلبية توقعات المستهلكين، وبناءً على نتائج الاختبار والتحسين المستمر، يتم إطلاق المنتج في الأسواق.
مفهوم البحث والتطوير بشكل عام، والتفكير التصميمي بشكل خاص، ليس صعبًا من حيث التطبيق، طالما تم فهم منهجيته وأسلوب تنفيذه وتوفير الموارد اللازمة، خاصة الكوادر البشرية المبدعة مثل الباحثين والمهندسين وفرق التسويق والمبيعات، بالإضافة إلى تخصيص الميزانيات الكافية لدعمه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال