الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يتكرر في المجالس العقارية البسيطة والعامة القول “لا تشتري، العقار سينخفض قريبا!” وكأن الأسعار تخضع لقانون الجاذبية، حيث كل ما يرتفع يجب أن يسقط. لكن الواقع الاقتصادي أكثر تعقيدا من ذلك، والأسواق لا تعمل بالأمنيات، بل وفق معادلة تحكمها عوامل العرض والطلب، تكاليف التطوير، والسياسات الاقتصادية.
عند النظر إلى سوق العقارات في الرياض، نجد أن أساساته قوية ومستقرة. يبلغ عدد سكان المدينة 8.6 مليون نسمة، بينما لا يتجاوز عدد الوحدات السكنية 1.89 مليون وحدة، مما يخلق فجوة كبيرة بين العرض والطلب. كما أن 52.2% من السكان غير سعوديين معظمهم يعتمدون على الإيجارات، مما يحافظ على نشاط السوق ويمنع انخفاض اسعار الاجار. وعلى الرغم من المشاريع الإسكانية الجديدة، إلا أن حجم الطلب المستمر يجعل من غير المحتمل أن يحدث فائض يؤدي إلى تراجع كبير في الأسعار.
من ناحية أخرى، فإن تكاليف البناء والتطوير مرتفعة، حيث شهدت أسعار مواد البناء، الأراضي، وتكاليف التشغيل ارتفاعا مستمرا. الأراضي السكنية في المناطق الحيوية محدودة، ولا يمكن توفير مساكن بأسعار أقل إلا بقرض سكني حكومي مباشر.
ورغم وضوح هذه العوامل، لا يزال البعض يستشهد بتجارب دولية مثل أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة عام 2008، عندما توسعت البنوك في تقديم قروض عالية المخاطر، مما أدى إلى انهيار السوق وانخفاض الأسعار بنسبة 30% أو أكثر. غير أن الوضع في السعودية مختلف، حيث تخضع القروض العقارية لضوابط صارمة، ويتم منحها بناءً على قدرة سداد فعلية “ضمان الراتب”، مما يمنع حدوث سيناريو مشابه.
أما في اليابان خلال التسعينيات، فقد أدى ارتفاع أسعار العقارات نتيجة التسهيلات المصرفية المفرطة إلى تضخم غير مستدام. وعندما رفعت الحكومة أسعار الفائدة فجأة، انهارت الأسعار بأكثر من 50%، مما أدخل الاقتصاد الياباني في ركود استمر لعقد كامل. في المقابل، السياسات النقدية في السعودية أكثر توازنا، ويتم التحكم في أسعار الفائدة نسبيا بطريقة تمنع حدوث صدمات اقتصادية حادة.
ما الحل؟ استراتيجيات لاستدامة السوق العقاري
بدلا من انتظار انخفاض قد لا يحدث، من الأفضل البحث عن حلول تبدأ من قاعدة التكاليف، وتعزز التوازن بين العرض والطلب، من خلال:
مجالس السكان والعُمدة
ثم، تفعيل دور مجالس السكان عن طريق عُمد الأحياء في المنطقة لتحديد الأولويات السكنية في كل منطقة، وتوجيه المشاريع العقارية لتلبية الطلب الفعلي.
تحت مجهر العقار ارى ان الرياض ليست أمريكا 2008، ولا اليابان 1990، وان الأسواق لا تتحرك بالعواطف، بل تخضع لحقائق اقتصادية واضحة:
لا يوجد انهيار لمجرد أن البعض يتمنى ذلك، ولا ازدهار بدون أسباب منطقية. الاقتصاد تحكمه قوانين العرض والطلب، والتخطيط السليم هو ما يصنع التوازن. وكما يُقال: “لا تنتظر أن تهب الرياح في صالحك، بل أضبط أشرعتك لتبحر بها كما يجب.”
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال