الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا شك أن هدر الطعام يمثل تحديًا يؤثر على الاقتصاد والمجتمع والبيئة، حيث يتم التخلص من كميات كبيرة من الغذاء يوميًا رغم إمكانية استغلاله بطرق أكثر كفاءة. هذه المشكلة لا تتعلق فقط بالممارسات الاستهلاكية، بل تمتد إلى قطاعات كبرى مثل المطاعم والمتاجر التي تتخلص من الأطعمة غير المباعة، مما يؤدي إلى فقدان غير مبرر للموارد. ومع تصاعد الاهتمام بتحقيق الاستدامة، أصبحت الحاجة إلى تنظيم هذا الفائض أمرًا ضروريًا لضمان إعادة توجيهه نحو الاستخدام الأمثل، من خلال حلول عملية تعزز كفاءة إدارة الغذاء وتحد من الأثر السلبي لهذه الظاهرة.
كما أن إيجاد تشريع خاص ينظم التعامل مع فائض الطعام سيحقق مكاسب واسعة النطاق على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، إذ يمكن لهذا التشريع أن يحدّ من تكاليف التخلص من المخلفات الغذائية، ويُسهم في رفع كفاءة إدارة الموارد، ويقلل الضغط على البنية التحتية المرتبطة بالنفايات، مما يعزز الاستدامة البيئية ويحد من التلوث. أما من الناحية الاجتماعية، فإن إعادة توزيع الطعام الفائض ستدعم الفئات المحتاجة، وتخلق شبكة تضامن مجتمعي تعزز ثقافة الترشيد والاستهلاك المسؤول، مما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي وتحسين جودة الحياة.
لذلك، فإن الانتقال من الهدر إلى النفع ليس مجرد فكرة، بل خطوة قابلة للتنفيذ تحقق فوائد شاملة. وعندما يتم تقنين هذه العملية من خلال إطار تشريعي واضح، يمكن تحويل الطعام الفائض إلى مورد اقتصادي واجتماعي حقيقي، يساهم في تحقيق التوازن بين تقليل الفاقد وتحقيق الاستفادة القصوى منه. كما أن فرض التزامات قانونية واضحة على الجهات المسؤولة عن هذا الفائض الغذائي سيضمن الامتثال الفعلي لهذا النهج، ويحدّ من أي تهاون قد يؤدي إلى استمرار الهدر.
ختامًا، لم يعد الحديث عن هدر الطعام مجرد مسألة توعوية، فالمجتمع لديه الوعي الكافي، لكن الالتزام بالتطبيق ما زال بحاجة إلى آليات إلزامية واضحة. ولهذا، أصبح التدخل التشريعي ضرورة ملحة، ليس فقط لمعالجة الظاهرة، بل لاستثمارها كفرصة لإحداث تحول إيجابي يحقق مصلحة الجميع. فالتشريع هنا لا يمثل تقييدًا للممارسات، بل هو استثمار في مستقبل أكثر استدامة، يعزز كفاءة الإنفاق العام، ويضمن توجيه الموارد نحو الاستخدام الأمثل، بحيث يتحول فائض الطعام من عبء إلى مورد فعّال يخدم المجتمع بأسره.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال