الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي (AI)، يشهد نظام التعليم العالمي تحولا عميقا. أصبح موضوع كيف نربي مواهب تتكيف مع مجتمع المستقبل في عصر الذكاء الاصطناعي موضوعا حاسما لإصلاح التعليم في مختلف البلدان. طرحت الصين استراتيجية “الاستثمار في تنمية مزايا المواطنين” في تقرير عمل الحكومة لعام 2025 وتخطط إصدار “الكتاب الأبيض لتعليم الذكاء الاصطناعي” لتعزيز تدريب مواهب الذكاء الاصطناعي بشكل منهجي. تشير هذه الإجراءات إلى أن الصين تستكشف بنشاط مسار إصلاح التعليم وتنمية المواهب في عصر الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي يمكّن التعليم: كيف تغير التقنيات طرق التعلم؟
يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل نماذج التعليم التقليدية، مما يجعل طرق التعلم أكثر ذكاء وتخصيصا وكفاءة. باستخدام البيانات الضخمة والخوارزميات الذكية، يمكن لمنصات التعليم الذكية تصميم خطط تعليمية مخصصة وفقا للوضع الفعلي للطلاب، وتحقيق تأثير تعليمي “مخصص لكل فرد”. وفي الوقت نفسه، فإن الترويج لغرف البحث التعليمي الافتراضية والفصول الدراسية الذكية يمكّن موارد التعليم عالية الجودة من تجاوز القيود الجغرافية وتعزيز المساواة التعليمية. على سبيل المثال، يستفيد “الحرم الجامعي الرقمي التوأم” الذي تم الترويج له في شانغهاي من تقنيات إنترنت الأشياء والنمذجة ثلاثية الأبعاد لبناء مساحة تعليمية ذكية متكاملة عبر الإنترنت وخارجها، مما يحسن بشكل كبير من التفاعل التعليمي وكفاءة استخدام الموارد.
في هذه العملية، يتغير دور المعلمين أيضا تدريجيا من مجرد ناقلين للمعرفة إلى “مصممي التعلم” و”مرشدي النمو”، الذين يحتاجون إلى استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين التدريس في الفصول الدراسية، وفهم التطور الفردي للطلاب بدقة، بدلا من استبدالهم ببساطة بالتكنولوجيا. كما شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ على أنه “لا يمكن التغاضي عن تنوير الطلاب وتنمية عقولهم وتنمية القدرات المعرفية الأساسية وقدرات حل المشكلات. لا تزال هناك حاجة إلى مهارات أساسية”.
اتجاهات جديدة لتربية المواهب: التكامل متعدد التخصصات والقدرة على الابتكار
في مواجهة التحولات الصناعية التي أحدثها الذكاء الاصطناعي، لم يعد تأهيل المواهب يقتصر على “اكتساب المعرفة”، بل أصبح يركز على “التعلم من أجل الإبداع”. فلم يعد النموذج التقليدي القائم على التخصصات المنفصلة قادرا على تلبية احتياجات المجتمع، والمواهب المستقبلية بحاجة إلى التفكير متعدد التخصصات والقدرات الابتكارية. اقترحت الصين نموذج التدريب “AI+X” لتعزيز التكامل العميق للذكاء الاصطناعي مع مجالات مثل الرعاية الطبية والمالية والتصنيع، والسعي لبناء نظام تدريبي مركب للمواهب. وفي الوقت نفسه، تستكشف الكليات والجامعات باستمرار إعدادات المناهج الدراسية، مثل إنشاء دورات عامة في مجال الذكاء الاصطناعي وبرامج تدريب مشتركة بين الكليات، بهدف تقصير دورة نمو المواهب وتعزيز قدرات الابتكار وريادة الأعمال.
يشير تقرير اليونسكو إلى أنه بحلول عام 2025، ستقدم 50% من الجامعات في جميع أنحاء العالم دورات الذكاء الاصطناعي العامة. وقد استجابت الصين لهذا الاتجاه بشكل نشط، حيث قامت بعض المناطق بالفعل بإدراج “أساسيات الذكاء الاصطناعي” في المناهج الدراسية للمدارس الابتدائية والثانوية، من خلال المختبرات وقواعد التدريب العملي، هادفة تنمية مهارات الطلاب العلمية وحل المشكلات منذ الصغر، مما يشكل أساسًا متينًا لإعداد مواهب المستقبل.
الاستثمار في تنمية مزايا المواطنين: بناء أساس متين لرأس المال البشري
يُعدّ إدراج مفهوم “الاستثمار في تنمية مزايا المواطنين” لأول مرة في تقرير عمل الحكومة الصينية إشارة إلى الأهمية الكبرى التي توليها الدولة لتنمية رأس المال البشري. فمن الناحية السياسية، تعمل الحكومة على تعزيز الاستثمارات في مجالات معيشة الناس مثل التعليم، والرعاية الصحية، ورعاية المسنين، مع تحسين هيكلة التعليم قبل المدرسة والتعليم المهني، وزيادة جهود تأهيل المواهب في الصناعات الناشئة. ويعكس هذا التحول من “التوسع الكمي” إلى “التحسين النوعي” نهجا استراتيجيا يهدف إلى دعم قدرة الصين التنافسية عالميا على المدى الطويل.
تشير تقديرات ماكينزي إلى أن تحسين نظام تدريب مواهب الذكاء الاصطناعي يمكن أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي للصين بمقدار 1.3 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030 ويقلل الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية بمقدار 15%. يشير هذا إلى أن تعليم الذكاء الاصطناعي ليس فقط جزءا مهما من الاستراتيجية الوطنية، ولكنه أيضا محرك رئيسي للنمو الاقتصادي المستقبلي.
لم تتغير طبيعة التعليم، ولكن طرق تدريب المواهب تتطور باستمرار. في عصر الذكاء الاصطناعي، يُطرح التساؤل حول كيفية تهيئة الأفراد للمجتمع المستقبلي ليس فقط في الصين، بل يشكل تحديا عالميا مشتركا يستدعي استجابات مبتكرة من جميع الدول.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال