الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عالم يتأرجح بين الابتكار والمخاطرة، ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قنبلة اقتصادية جديدة تهز أسواق العملات المشفرة، معلنًا عن احتياطي استراتيجي يضم البيتكوين والإيثريوم وغيرهما، لكنه ترك العالم في حيرة وتساؤل: إلى أين يقودنا هذا المتهور؟ هل نحن أمام فرص استثمارية غير مسبوقة، أم أنها خدعة ماكرة لتحسين دخل أمريكا على حساب عشاق العملات الرقمية؟ بينما تتسارع الأحداث وترتفع الأسعار.
يترقب المستثمرون والمراقبون خطوته التالية، في مغامرة قد تعيد تشكيل المستقبل المالي أو تُغرق الجميع في فوضى غير متوقعة أعلن “ترامب” عن خطة طموحة لإنشاء احتياطي استراتيجي من العملات المشفرة للولايات المتحدة، جاء هذا الإعلان عبر منشور على منصة “تروث سوشيال” حيث أكد ترمب أن هذا الاحتياطي سيعزز مكانة القطاع المالي الرقمي الذي وصفه بـ”الشديد الأهمية” مشيرًا إلى أنه يأتي بعد سنوات من “الهجمات الفاسدة” من إدارة “جو بايدن” .
وأضاف “سأتأكد من أن الولايات المتحدة هي عاصمة العالم للعملات المشفرة” في تأكيد على رؤيته لجعل أمريكا مركزًا عالميًا للابتكار المالي في منشور لاحق أوضح ترمب أن البيتكوين والإيثريوم إلى جانب عملات مشفرة أخرى ذات قيمة ستكون جزءًا أساسيًا من هذا الاحتياطي لكنه لم يقدم تفاصيل حول كيفية تنفيذ هذه الخطة أو الفوائد الاقتصادية المباشرة للبلاد، هذا الغموض أثار نقاشات واسعة بين المحللين والمستثمرين خاصة مع اقتراب موعد أول قمة للعملات المشفرة في البيت الأبيض يوم الجمعة القادمة والتي يتوقع أن تلقي الضوء على تفاصيل الاستراتيجية، شهدت الأسواق رد فعل فوري عقب إعلان “ترمب” ، فقد قفزت عملة الريبل بنسبة 33% فيما سجلت “كاردانو” ارتفاعًا مذهلاً بأكثر من 60% بينما استعاد البيتكوين زخمه بنمو 10% بعد هبوطه إلى أقل من 80 ألف دولار يوم الجمعة السابقة هذه الارتفاعات عكست تفاؤل المستثمرين بتبني الولايات المتحدة للعملات المشفرة كجزء من احتياطيها الاستراتيجي مما قد يمنحها شرعية غير مسبوقة، تعليقات المتابعين على منصة X أظهرت انقسامًا حادًا في الآراء.
فمن جهة اعتبر بعض المراقبين أن العرض والطلب هو ما يمنح العملات المشفرة قيمتها متوقعين أن تصل البيتكوين والإيثريوم إلى مستويات غير متوقعة قريبًا بينما حذر آخرون من أنها “وهم واحتيال” مستشهدين بموقف الخبير الاقتصادي نورييل روبيني الذي وصفها بـ”أصل كل عمليات الاحتيال” .
كما أشار بعض المتابعين إلى مخاطر مثل التقلبات السعرية والاختراقات السيبرانية محذرين من أن أمريكا قد تستخدم العملات لتسديد ديونها ثم تتسبب في انهيارها ، الخطوة التي أعلنها “ترامب” تمثل تحولًا جذريًا في سياسة الولايات المتحدة تجاه العملات المشفرة التي كانت تواجه تشككا وتضييقًا خلال إدارة “بايدن” فكرة الاحتياطي الاستراتيجي تثير تساؤلات حول كيفية تمويله وإدارته هل ستقوم الحكومة بشراء هذه العملات من السوق المفتوحة مما قد يرفع أسعارها بشكل كبير أم ستعتمد على الأصول المصادرة من العمليات القانونية كما اقترحت بعض التقارير.
من جانب آخر يرى بعض المراقبين أن تراجع هيمنة الدولار قد يدفع أمريكا لتبني العملات المشفرة كبديل استراتيجي للحفاظ على نفوذها المالي العالمي، لكن هذا قد يستغرق وقتًا طويلًا، تجارب دول أخرى مع العملات المشفرة تضيف بُعدًا آخر لهذا النقاش فالولايات المتحدة تمتلك بالفعل حوالي 200 ألف بيتكوين تمت مصادرتها من قضايا جنائية بينما اعتمدت السلفادور البيتكوين كعملة قانونية وجمعت 6088 بيتكوين الصين تملك 190 ألف بيتكوين من عمليات احتيال مصادرة والمملكة المتحدة لديها 61 ألف بيتكوين من مكافحة غسيل الأموال.
أما أوكرانيا حصلت على 46 ألف بيتكوين كتبرعات حربية وبوتان تمتلك 13 ألف بيتكوين من التعدين، هذه التجارب لا تُعتبر مؤشرًا واضحًا على نجاح أو فشل الفكرة بل تُظهر تنوع الدوافع من استثمار استراتيجي إلى نتائج قانونية أو دعم أزمات، إذا نجحت خطة “ترمب” فقد تعزز مكانة الولايات المتحدة كمركز للابتكار المالي خاصة مع تزايد تبني العملات المشفرة عالميًا، لكن المخاطر كبيرة كما أشار بعض المتابعين إذ قد تؤدي التقلبات السعرية إلى عدم استقرار الاحتياطي وتتطلب استثمارات ضخمة في الأمن السيبراني لحمايته كما أن معارضة البنوك المركزية التقليدية قد تعيق التنفيذ في ظل هذا الوضع المحفوف بالغموض والمخاطر.
يبدو من الضروري أن تتريث الدول الأخرى وتتجنب الاندفاع وراء هذه الخطوة الأمريكية فالحكومات الخليجية والعربية سواء عبر محافظ استثمارية أو بشراء مباشر لهذه العملات يجب أن تمتنع عن القفز السريع إلى هذا المجهول حتى تتضح الرؤية فأي تراجع في قيمة هذه العملات أو انهيار سعرها قد يورطها في خسارة مدخراتها ويعرض استقرارها المالي للخطر، الحذر الآن هو السلاح الأمثل في مواجهة هذا الرهان الأمريكي الجريء الذي قد يُغير قواعد اللعبة أو يُفقد الجميع رهاناتهم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال