الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظل التحولات السريعة والتطورات التكنولوجية المستمرة، تقف السينما كنافذة إلى عوالم أخرى، تنقلنا إلى قصص وتجارب لا تُنسى. ومع ذلك، يشهد هذا القطاع تحولات جذرية في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت المنصات الرقمية منافسًا قويًا لصالات السينما التقليدية. هذه المنافسة تثير تساؤلات حول مستقبل صناعة السينما، وتأثير هذا التحول على عادات المشاهدة والإيرادات.
تراجعت إيرادات الأفلام السينمائية في دور العرض السعودية بنسبة 60% خلال شهر فبراير 2025، لتصل إلى 36 مليون ريال، وفقًا لبيانات هيئة الأفلام السعودية. السبب الرئيسي وراء هذا التراجع هو انخفاض العروض الكبيرة عالميًا، خاصة أفلام هوليوود الضخمة التي عادةً ما تجذب جمهورًا كبيرًا في هذا الوقت من العام. على الرغم من الأداء القوي في الأسبوع الأول من الشهر، حيث بلغت الإيرادات 10.9 مليون ريال، إلا أن الأسابيع التالية شهدت تراجعًا ملحوظًا في الإيرادات ومبيعات التذاكر. هذا التراجع ليس محصورًا بالسعودية فقط، بل شهدت دول أخرى مثل الولايات المتحدة تراجعًا في إيرادات السينما بنسبة 14% في عام 2024، حيث بلغت الإيرادات 16.5 مليار دولار مقارنة بـ 19.2 مليار دولار في عام 2023.
المنصات الرقمية مثل نتفليكس، أمازون برايم، وديزني بلس أصبحت تقدم محتوى حصري وجذاب يمكن مشاهدته من راحة المنزل، مما يجعلها خيارًا مفضلاً للكثيرين. هذه المنصات توفر ميزة التكرار دون تكلفة إضافية، مما يجعلها أكثر اقتصادية للمشاهدين. نتفليكس، على سبيل المثال، حققت إيرادات بلغت 29.7 مليار دولار في عام 2024، بزيادة 19% عن العام السابق. تأثير جائحة كورونا لعب دورًا كبيرًا في تسريع التحول نحو المنصات الرقمية، حيث أصبح الجمهور يفضل مشاهدة الأفلام في المنازل بدلاً من الذهاب إلى دور العرض.
في السعودية، شهدت صناعة السينما نموًا ملحوظًا منذ رفع الحظر عن دور العرض السينمائي في عام 2018. حاليًا، يوجد في المملكة 66 دار سينما تضم 618 شاشة عرض موزعة على 20 مدينة، بقدرة استيعابية تتجاوز 62 ألف شخص. من بين الشركات المشغلة لصالات السينما في السعودية، نجد موفي سينما، فوكس سينما، وإي إم سي سينما، التي تتنافس على تقديم أفضل تجربة سينمائية للجمهور السعودي. الإقبال المتزايد للجماهير فرض توسعًا في دور العرض، حيث بلغ إجمالي دور السينما 63 دارًا حتى نهاية 2022، مقابل 54 في 2021.
إضافةً إلى ذلك، شهدت السينما السعودية تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت تنتج أعمالًا سينمائية مميزة تحقق نجاحًا كبيرًا على الصعيدين المحلي والدولي. من بين الأفلام السعودية التي حققت دخلًا جيدًا ونجاحًا كبيرًا: “وجدة” (2012)، “بركة يقابل بركة” (2016)، “المسافة صفر” (2019)، “شمس المعارف” (2020)، و”حد الطار” (2021). هذه الأفلام لم تُحقق نجاحات محلية فحسب، بل نالت أيضًا إعجابًا عالميًا ورُشحت لجوائز دولية مرموقة، مما يعزز مكانة السينما السعودية على الساحة الدولية.
تجارب الدول الأخرى في صناعة السينما تقدم دروسًا قيمة. على سبيل المثال، هوليوود في الولايات المتحدة حققت إيرادات بلغت 261 مليار دولار في عام 2021، مما يعادل اقتصادات دول كبرى. الهند أيضًا تُعد أحد أسرع أسواق الإعلام والترفيه نموًا في العالم، حيث حقق قطاع الإعلام والترفيه الهندي نموًا بنسبة 19.9% في عام 2022، متجاوزًا 26 مليار دولار في الإيرادات السنوية لأول مرة.
على الرغم من التحديات التي تواجهها صالات السينما، إلا أن هناك توقعات بنمو الإيرادات في الأشهر المقبلة. بفضل الدعم الكبير من وزارة الثقافة وهيئة الأفلام، وإطلاق أفلام كبيرة جديدة، يمكن لصالات السينما أن تستفيد من تقديم تجارب فريدة وجذابة لا يمكن تحقيقها عبر الإنترنت. في النصف الأول من عام 2024، حقق شباك التذاكر السينما السعودية إيرادات وصلت إلى 421 مليون ريال سعودي، ومن المتوقع أن تزداد هذه الإيرادات مع نهاية العام.
في خضم هذا التحول التكنولوجي السريع، تبقى السينما جزءًا لا يتجزأ من تجاربنا الثقافية والاجتماعية. على الرغم من التحديات التي تواجهها دور العرض السينمائي، إلا أنها تظل قادرة على تقديم تجارب فريدة ومميزة لا يمكن للمشاهدين الحصول عليها عبر المنصات الرقمية. ولضمان استدامة هذا القطاع الحيوي، يمكن يتطلب، تعزيز التعاون بين المنصات الرقمية ودور السينما، يمكن تعزيز التعاون بين المنصات الرقمية ودور السينما لتقديم عروض حصرية ومشتركة تجمع بين العرض التقليدي والرقمي، مما يتيح للمشاهدين خيارات متنوعة. كما يجب الاستثمار في إنتاج أفلام محلية ذات الجودة العالية يمكن أن يسهم في جذب الجماهير وتعزيز الهوية الثقافية. أيضا، تحسين تجربة المشاهدة في دور العرض من خلال الاستثمار في تحسين تجربة المشاهدة من خلال تقديم تقنيات حديثة وتجارب تفاعلية يمكن أن يجعل الذهاب إلى السينما أكثر جاذبية.
وأيضا، تنظيم فعاليات ومهرجانات سينمائية يمكن تعزيز الفعاليات والمهرجانات السينمائية يمكن أن يجذب السياح والمشاهدين ويساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي. والتشجيع الجمهور على دعم السينما المحلية من خلال حملات توعوية وإعلامية تسلط الضوء على أهمية دعم السينما المحلية وأثرها الإيجابي على المجتمع والثقافة.
ويبقى التوازن بين التجربة السينمائية التقليدية والعرض الرقمي هو المفتاح لتحقيق النجاح في المستقبل. بفضل الدعم الحكومي والمبادرات الإبداعية، يمكن للسينما السعودية أن تستمر في النمو والتطور، مع الحفاظ على مكانتها كمصدر للإلهام والتسلية والثقافة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال