الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تخيل هذا المنظر الافتراضي : يطلب أعضاء مجلس الإدارة في احدى الشركات المساهمة من المساهمين خلال اجتماع الجمعية العمومية للشركة ابراء ذمتهم عن السنة الماضية، فيطلب منهم المساهمون ان يقسموا بالله وعلى كتاب الله ان ذمتهم بريئة وانهم لم يفرطوا في شيء، فيقوم الأعضاء بأداء القسم، ثم يقوم المساهمون بإبراء ذمتهم.
بالطبع هذا الاجراء لا يمكن ان يتم بهذه الصورة لكنه يظل خيال يداعب مخيلة كثير من المساهمين الصغار يتمنون تنفيذه بهذه الصورة او باي طريقة كانت طالما ان الأعضاء يطلبون ابراء الذمة وهي كلمة تحمل في مضمونها مدلولا دينيا وبعدين ثقافي واخلاقي يمتع به كثير من القائمين على الشركات المساهمة الذين يخافون الله فيما اؤتمنوا عليه وديدنهم في الاعمال دعاء “رب ارزقني وارزق مني “.
هذا الاجراء يتم غالبا بعد ان يقوم طرف ثالث هو المحاسب القانوني باعتماد حسابات وأرقام الشركة ويصدر بيانا بأن القوائم المالية مطابقة للمعايير المحاسبية التي يجب ان نقول انها شهدت تطورات مهمة في نظريا وتطبيقيا نراه في القطاعين العام والخاص.
المشكلة عندما يكون هذا الطرف الثالث غير جدير بالأمانة، او يتواطأ مع المتلاعبين في الشركة، او يكون في بعض الحالات غير مؤهلا للعمل لان فريقه غير مؤهل ويمكن “تمرير” بعض الأشياء عليه، وهذا حدث ويحدث والاسبوع الماضي شهدنا قضية عوقب فيها أعضاء مجلس إدارة ورئيس تنفيذي ومحاسب قانوني لأحدى الشركات المساهمة.
التفاصيل نشرتها صحيفة مال حول صدور احكام على مسؤولي احدى الشركات المساهمة والتي صدرت في بيان رسمي من الامانة العامة للجان الفصل في منازعات الأوراق المالية في الدعوى الجزائية العامة المقامة من النيابة العامة (والمحالة لها من هيئة السوق المالية) والقصة تشمل مخالفات تمت في العام 2019 اي قبل نحو ست سنوات ورغم ان فيها احكاماً أولية ثم استئناف إلا ان ذلك يعتبر مدة طويلة تغيرت فيها حياة كثير من حملة الأسهم، ربحوا وخسروا، وربما خرجوا من السوق، ورغم فتح المجال لهم للمطالبة بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم إلا انه يصعب تقييم الضرر المعنوي وضرر خسارة الفرص وربما ضرر الاضطرار إلى إجراءات شخصية مرهقة ماديا او حياتيا.
يبدو من خلال القضية وقبلها قضايا مماثلة وقرارات شملت منع مكاتب محاسبة من مزاولة العمل لمدد مختلفة جراء مخالفتهم الأنظمة انه لا تزال هناك ثغرات في الحوكمة، وضعف في المسائلة في بعض الشركات المساهمة يستغلها ضعاف النفوس الذين يحسبونها شطارة وهي لا اعرف لها اسما غير السرقة او الفساد، هذه مشكلة، والمشكلة الأخرى ان قضايا الفساد والكسب غير المشروع في بعض الشركات المساهمة تكتشف ويرفع عنها وتأخذ سنوات في التحقيق وإصدار الأحكام ومن ثم الاستئناف وإصدار الأحكام النهائية، وهذا أمر ينبغي الالتفات له اكثر لتقليص المدد ليسهل حصر الاضرار، والمتضررين، وبالتالي يمكن تعويض المتضرر منهم.
من يرتكبون هذه الأخطاء يعتقدون ان الشركات مال خاص، وهذا غير صحيح، فطالما ان هناك مساهمين حتى لو كانوا صغارا في حجم الملكية ونسبة ما يملكون تمثل اقلية فأموال هذه الشركة تشبه الى حد كبير المال العام، لأن فيهم الافراد، والاوقاف، والجمعيات غير الربحية، وأيضا فيهم في بعض الحالات الحكومة الممثلة بأحد الصناديق الاستثمارية او التقاعدية.
الأمر لا يخص المساهمين فقط والبيئة الاستثمارية وسمعة السوق، انه أيضا يخص الموظفين ويمتد الى عائلاتهم، فالشركات التي يتم كشف الفساد او المخالفات فيها تتضرر كثيرا، وينعكس الضرر المادي والمعنوي على الموظفين.
إضافة الى اعلان المخالفات والعقوبات والتشهير في بعض الحالات ربما نحتاج الى اعراف أخلاقية يطبقها القانون او تعتمدها الشركات المساهمة الأخرى من قبيل منع من يثبت عليه فساد او تلاعب بأموال المساهمين من العمل في الشركات المساهمة نهائيا ومدى الحياة، أي ان يكون هناك قائمة سوداء يعرفها الجميع بأسماء يجب عدم التعامل معها في أي شأن يخص الاعمال تقابل القائمة البيضاء التي تضم اغلب مسؤولي الشركات المساهمة من أصحاب النزاهة والكفاءة، وبالطبع المكاتب الاستشارية والمحاسبية والقانونية ” النظيفة”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال