الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يشكل اقتصاد البيانات أحد المحركاشت الأساسية للاقتصاد الحديث حيث ظهر هذا المفهوم نتيجة التطور الملحوظ في مجال التكنولوجيا خلال السنوات الأخيرة. يعتمد هذا الاقتصاد على المعرفة إذ يتم إنتاج البيانات ومعالجتها وتخزينها وتبادلها واستغلالها في مختلف المجالات لتعزيز الأداء الاقتصادي واستحداث منتجات وخدمات جديدة تواكب متطلبات العصر. ومع استمرار التطور التقني الهائل في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء يتوقع أن يصبح مستقبل اقتصاد البيانات أكثر تعقيداً مما يستدعي وضع أطر تنظيمية واضحة تضمن الاستخدام الأمثل للبيانات وتحافظ على خصوصيتها وأمنها.
تبدأ عملية جمع البيانات من مصادر متعددة تشمل الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي والسجلات الحكومية حيث يتم بعد ذلك تخزينها وإدارتها داخل بنية تحتية تقنية آمنة. يعتمد التعامل مع قواعد البيانات الضخمة على عمليات معقدة تتطلب خبرات متقدمة لضمان دقة إدارتها وأمانها. ومع ذلك لا تقتصر أهمية البيانات على تخزينها وإدارتها فقط بل تمتد إلى تحليلها والاستفادة منها باستخدام أحدث التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي بهدف استخراج معلومات ذات قيمة تساعد في تحسين عمليات صنع القرار في مختلف القطاعات.
يعد القطاع الصحي أحد المجالات التي استفادت من اقتصاد البيانات بشكل كبير حيث ساهم في إنشاء ملفات إلكترونية تفصيلية لحالات المرضى مما يتيح للأطباء متابعة تطورات الحالة عن بعد وتقديم تقارير دقيقة تساعد في تحديد العلاجات المناسبة بكفاءة أكبر. يسهم ذلك في تقليل الوقت والجهد كما يعزز الاستثمارات في المجال الصحي عبر تقديم خدمات طبية متطورة تدعم النمو الاقتصادي. وبالإضافة إلى القطاع الصحي نجد أن البيانات أصبحت سلعة اقتصادية بحد ذاتها من خلال ما يعرف بتجارة البيانات حيث يتم التعامل مع البيانات على أنها مورد يمكن بيعه وتبادله بين الشركات لتعزيز استراتيجيات التسويق وزيادة الكفاءة التشغيلية. على سبيل المثال تعتمد شركات العقارات على البيانات للحصول على معلومات حول المستهلكين المستهدفين مما يساعدها في تحسين حملاتها التسويقية وزيادة فرص نجاحها.
لا يمكن تجاهل الأثر الكبير لاقتصاد البيانات في تعزيز المنافسة بين الدول والشركات حيث أصبحت البيانات مصدراً استراتيجياً يمكن أن يوفر ميزة تنافسية مهمة. في السعودية يندرج اقتصاد البيانات ضمن رؤية 2030 التي تهدف إلى بناء اقتصاد رقمي متطور يعزز من مكانة المملكة كقوة اقتصادية عالمية. تسعى المملكة إلى الاستثمار في تطوير بنية تحتية متقدمة لإدارة البيانات وتحليلها والاستفادة منها في دعم اتخاذ القرارات الاستراتيجية في القطاعات الحيوية مثل الصحة والطاقة والزراعة والخدمات المالية. بالإضافة إلى ذلك تتجه المملكة نحو تعزيز سيادتها الرقمية من خلال تطوير تقنيات محلية لمعالجة البيانات وضمان أمنها مما يعزز استقلالها الاقتصادي ويحميها من التهديدات السيبرانية.
أصبحت البيانات اليوم سلعة استراتيجية تماثل في أهميتها النفط والمعادن النادرة حيث تمتلك القدرة على خلق قيمة اقتصادية عالية من خلال تحسين عملية صنع القرار وتعزيز الابتكار. فهي تمثل الأساس الذي تعتمد عليه تقنيات الذكاء الاصطناعي كما تلعب دوراً رئيسياً في التحكم بالصناعات الحيوية مما يجعلها عاملاً حاسماً في تحقيق الأمن القومي والسيادة الرقمية. مع تنامي أهمية البيانات في الاقتصاد العالمي تسير السعودية بخطى ثابتة نحو تعزيز اقتصاد البيانات من خلال تطوير استراتيجيات متكاملة تضمن الاستخدام الأمثل لهذا المورد الحيوي مما يعزز من مكانتها كمركز رائد في الاقتصاد الرقمي ويعزز تحقيق مستهدفات رؤية 2030.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال