الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بينما تنفض الشمس غبار الليل عن الصحراء، وتبدأ أولى خيوط الضوء بملامسة كثبانها، كانت المملكة تقف في مفترق طرق بين الماضي والمستقبل. في لحظة فارقة، حين بدا العالم يمضي بخطوات متسارعة نحو التحولات الكبرى، قررت السعودية ألا تكون مجرد متفرج، بل أن تتصدر المشهد، أن تعيد كتابة التاريخ بأحرف من طموح، وأن تضع أقدامها بثبات على طريق لا رجعة فيه نحو التغيير.
لم تكن رؤية السعودية 2030 مجرد مخطط تنموي، بل كانت تعهدًا، وعدًا بألا تكون هذه الأرض إلا محطة للإنجازات الكبرى، والفرص اللامحدودة، والاقتصاد المتنوع الذي لا يعرف الجمود. حين انطلقت الرؤية، لم تكن مجرد رقم يُسجل في تقارير اقتصادية، بل كانت قلبًا نابضًا بالحلم، وعقلًا يرى المستقبل بوضوح، ويدًا تبني بلا توقف.
اليوم، بعد تسع سنوات، ها نحن نقف أمام نتائج تتحدث بلغة الأرقام: 93% من المستهدفات تحققت، و674 مبادرة تحولت من مجرد فكرة إلى واقع ملموس، وصندوق الاستثمارات العامة نما بنسبة 390% ليصل إلى 3.53 تريليون ريال سعودي، وسوق العمل يستقبل أجيالًا جديدة في ظل انخفاض البطالة إلى 7%، ومتطلبات المستقبل لا تزال تُرسم بثقة في كل قطاع. السياحة تزدهر مع 100 مليون سائح، والتعليم يرتقي عالميًا، والابتكار يتجذر في بنية الاقتصاد، والطاقة المتجددة تعيد تشكيل المشهد الصناعي.
لكن القصة لم تنتهِ بعد، فكما قطعنا 60% من المسافة بأمان، علينا أن نمضي حتى النهاية، متيقظين لكل تقلب اقتصادي أو سياسي قد يؤثر على هذا المسار، محافظين على زخم النمو، حريصين على أن يكون التوظيف أولوية، ومكافحة التستر التجاري معركة لا تقبل التهاون، والتنوع الاقتصادي قاعدة لا بد أن تترسخ. فلا خيار أمامنا سوى المضي قدمًا، حتى نرى هذا الحلم متجسدًا في كل زاوية من الوطن، ونصل إلى حيث نريد، ونثبت للعالم أن السعودية ليست مجرد لاعب في المعادلة العالمية، بل الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه.
شهدت السعودية في عامها التاسع من انطلاق رؤيتها، تحقيق 93% من مستهدفاتها، مما يعكس التقدم الكبير الذي حققته في مختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية. فقد عززت هذه الرؤية مكانة السعودية كمحور رئيسي للاستثمار، التكنولوجيا، والسياحة على مستوى العالم، مع تحقيق نجاحات ملموسة في عدة مجالات رئيسية. كان لصندوق الاستثمارات العامة دور أساسي في دفع عجلة التحول الاقتصادي، حيث نما بنسبة 390% منذ إطلاق الرؤية ليصل إلى 3.53 تريليون ريال، كما نجح في تأسيس 48 شركة جديدة خلال السنوات الثلاث الماضية، مما رفع إجمالي عدد الشركات المدعومة إلى 93 شركة. هذه القفزة الاقتصادية عززت مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 47%، متجاوزة المستهدف البالغ 46%. شهد سوق العمل السعودي تطورًا ملحوظًا حيث انخفض معدل البطالة بين السعوديين إلى 7%، وهو الأدنى في تاريخ المملكة، متجاوزًا مستهدف الرؤية لعام 2030 قبل موعده.
وقدم التقرير إحصاءات مهمة من بينها ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 33.5%، متجاوزة المستهدف المحدد بـ 30%. هذه الأرقام تعكس نجاح السياسات الاقتصادية في تعزيز دور المواطنين والمواطنات في تحقيق التنمية المستدامة. استمرت السعودية في تسجيل إنجازات بارزة في قطاع السياحة حيث استقطبت 100 مليون سائح خلال عام 2024، متجاوزة مستهدف 2030، كما ارتفع عدد المواقع المسجلة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو إلى 8 مواقع، مما يدعم مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية غنية بالموروث الثقافي والتاريخي. حقق التحول الرقمي في المملكة طفرة نوعية حيث تقدمت المملكة 25 مرتبة في مؤشر الحكومة الإلكترونية، و32 مركزًا في مؤشر المشاركة الإلكترونية، مما يعكس نجاح سياسات التحول الرقمي، كما تم إطلاق 50 خدمة حكومية رقمية جديدة لتسهيل الإجراءات، وارتفعت نسبة رضا المواطنين عن الخدمات الإلكترونية إلى 89%. نجحت المملكة في تنفيذ مشاريع ضخمة في قطاع النقل حيث تم افتتاح 3 مطارات جديدة وتوسيع شبكة القطارات السريعة لتشمل 12 مدينة رئيسية، مما يعزز حركة السفر والسياحة، كما تحقق المركز 7 عالميًا في جودة الطرق، وهو تقدم بارز يعكس كفاءة التخطيط العمراني والبنية التحتية.
في إطار التحول إلى الطاقة النظيفة بلغت نسبة الطاقة المتجددة 35% من إجمالي إنتاج الطاقة، متجاوزة المستهدف لعام 2024، كما أطلقت المملكة 10 مشاريع جديدة للطاقة الشمسية والرياح، وأسهمت جهود الاستدامة في تقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة 28% مقارنة بعام 2016. تحقق تقدم كبير في قطاع الرعاية الصحية حيث استفاد 28 مليون شخص من نموذج الرعاية الصحية الحديث، وانخفضت معدلات الوفيات المبكرة بسبب الأمراض المزمنة بنسبة 40%، كما ارتفع متوسط العمر المتوقع إلى 78 عامًا مقارنة بـ 74 عامًا في 2016، مما يعكس نجاح البرامج الصحية. حقق قطاع الرياضة قفزات نوعية حيث ارتفعت نسبة ممارسي الرياضة إلى 58.5%.
ونجحت المملكة في الفوز باستضافة كأس العالم 2034، مما يعزز مكانتها الرياضية عالميًا. في مجال التعليم، ارتفعت نسبة القبول في الجامعات السعودية إلى 92%، مما يعكس توسع الفرص التعليمية، كما تم إطلاق 15 برنامجًا جديدًا للتدريب المهني والتقني لدعم سوق العمل بالكفاءات المطلوبة، وحققت المملكة المركز 26 عالميًا في مؤشر جودة التعليم، متقدمة 8 مراكز عن العام السابق. في قطاع الابتكار والتكنولوجيا، زاد عدد الشركات الناشئة التقنية إلى 1,200 شركة، مما يعزز بيئة الابتكار وريادة الأعمال، كما ارتفعت نسبة استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحكومية إلى 75%، مما يسهم في تحسين الخدمات، وتم إطلاق 3 مراكز بحثية جديدة متخصصة في التكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي. في مجال الإسكان وجودة الحياة، ارتفعت نسبة تملك الأسر السعودية للمساكن إلى 65.4% مقارنة بـ 47% في 2016، كما تم تحقيق إنجاز بارز بتسجيل 8 مواقع تراثية في قائمة اليونسكو بحلول عام 2024، وتم ترميم 659 موقعًا تراثيًا في الربع الثاني من نفس العام. في قطاع الخدمات الحكومية، حققت المملكة المركز الأول عربيًا في مؤشر الحكومة الإلكترونية، متقدمة 5 مراكز عالميًا.
كما تم إطلاق 50 خدمة حكومية رقمية جديدة لتسهيل الإجراءات للمواطنين والمقيمين، وارتفعت نسبة رضا المواطنين عن الخدمات الإلكترونية إلى 89%. في مجال البنية التحتية والنقل، تم افتتاح 3 مطارات جديدة لتعزيز حركة السفر والسياحة، تم توسيع شبكة القطارات السريعة لتربط بين 12 مدينة رئيسية، مما عزز كفاءة وسائل النقل العام وسهّل تنقل السكان والزوار، كما ارتقت المملكة إلى المركز السابع عالميًا في جودة الطرق، متقدمة بأربع مراتب مقارنة بالعام السابق، ما يعكس التحسينات المستمرة في البنية التحتية.
من أبرز النقاط التي كشف عنها التقرير السنوي لرؤية السعودية هي تحقيق 93% من المستهدفات، مما يعكس التقدم الكبير في تنفيذ المبادرات التنموية. كما أُنجزت بالكامل 674 مبادرة من أصل 1502 منذ انطلاق الرؤية، مما يعكس كفاءة الأداء الحكومي في ترجمة الأهداف إلى واقع ملموس. من الإنجازات اللافتة أيضًا، تحقيق 8 مستهدفات قبل موعدها بست سنوات، مثل انخفاض معدل البطالة إلى 7%، وارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 33.5%، واستقطاب 100 مليون سائح، إضافة إلى تسجيل مواقع تراثية سعودية جديدة في قائمة اليونسكو.
يؤكد التقرير السنوي لرؤية السعودية 2030 لعام 2024 أن المملكة تسير بثبات نحو تحقيق أهدافها الطموحة، حيث تواصل تعزيز الاقتصاد، السياحة، التكنولوجيا، والطاقة المتجددة في سبيل مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا، ومع استمرار تنفيذ المشاريع الكبرى، من المتوقع أن تشهد الأعوام القادمة مزيدًا من التطور والنمو في مختلف المجالات.
على أعتاب المستقبل، تؤكد رؤية السعودية 2030 أن المملكة تسير بثبات نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا، حيث أثبتت قدرتها على تحقيق التحولات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى بنسبة نجاح 93% من مستهدفاتها حتى الآن. ومع ذلك، يظل من الضروري الأخذ في الاعتبار أي تقلبات جيوسياسية أو اقتصادية قد تنعكس سلبًا على الأداء الاقتصادي، لضمان عدم تعطل البرامج أو تأخر تنفيذها، والمحافظة على التنمية المستدامة.
يجب أن تبقى زيادة فرص التوظيف في مقدمة الأولويات، باعتبارها جزءًا من برنامج وطني مهم يعزز مشاركة جميع فئات المجتمع في دفع عجلة النمو الاقتصادي. كما ينبغي تكثيف الجهود لمكافحة التستر التجاري الذي لا يزال ينهش في الاقتصاد المحلي، ويؤثر سلبًا على بيئة الاستثمار وريادة الأعمال. رفع مستوى التنوع الاقتصادي سيسهم في تعزيز قدرة المملكة على مواجهة التحديات الخارجية والحد من الاعتماد على مصدر دخل واحد، وهو ما يجعل استمرار المبادرات التنموية أمرًا بالغ الأهمية.
وكما قطعنا 60% من المسافة بأمان، يجب أن نواصل الطريق بنفس العزم والطموح حتى نصل إلى تحقيق الأهداف الكبرى، ونضمن أن تكون السعودية نموذجًا عالميًا في التنمية والابتكار، مع اقتصاد متنوع ومزدهر، يقود المنطقة نحو مستقبل أكثر استقرارًا وإشراقًا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال