الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في خضم التحولات الاقتصادية التي تشهدها المملكة، أصبحت منصة “نمو” الموازي تمثل فرصة استراتيجية للشركات السعودية الباحثة عن التوسع والتمويل.
ومع أن عدد الشركات المدرجة في “نمو” قد ارتفع إلى 88 شركة بنهاية 2024 بحسب تقرير “تداول السعودية”، إلا أن هناك مئات الشركات التي لا تزال متحفظة تجاه خطوة الإدراج. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا؟
ليس الأمر دائمًا مالياً: الثقافة المؤسسية كعامل خفي
الحديث الدارج يدور حول التمويل، الحوكمة، والشفافية، لكن في عمق المشهد، هناك بعد ثقافي ونفسي يغيب عن كثير من التحليلات. العديد من الشركات، خصوصًا العائلية منها، تخشى فقدان ما تعتبره “الخصوصية المؤسسية”.
إن الإفصاح المالي المنتظم، والانفتاح الإعلامي، والتقيد بمعايير حوكمة، يُشعر بعض القادة بأنهم يفقدون السيطرة على تفاصيل أعمالهم.
بل إن بعض الشركات ترى في النموذج المؤسسي الحديث تهديدًا لنمط الإدارة التقليدي الذي يعتمد على العلاقات والقرارات السريعة داخل دائرة ضيقة.
الخوف من “الانكشاف” أمام الجمهور
الإدراج يعني أن الشركة ستخضع لرقابة السوق والمستثمرين والمحللين الماليين. هناك تحفظات لدى بعض رواد الأعمال من أن يتم تحليل نموذج عملهم بشكل مفرط، أو أن تتأثر سمعتهم بأي تقلب مالي موسمي، حتى لو كان طبيعيًا في مسار أي شركة .
وهذا الخوف قد يكون مبررًا من وجهة نظرهم، لكنه في الواقع يشير إلى حاجة لرفع الوعي بثقافة السوق المفتوح، وإعادة تعريف مفهوم “التحكم” بأنه لا يتعارض مع الشفافية، بل يعززها.
مصادر تمويل تغري، ولكن لا تكفي
رغم تعدد برامج الدعم مثل:
إلا أن هذا الدعم لم يكسر بالكامل الحاجز النفسي والثقافي لدى كثير من أصحاب الشركات. ويبدو أن العائق لم يعد ماديًا، بل “ذهنيًا” بالدرجة الأولى.
ما الذي يحتاجه السوق فعلاً؟
تحتاج الشركات إلى أكثر من حوافز مالية. إنها بحاجة إلى
-1 نماذج واقعية لنجاحات سعودية في سوق نمو، تتحدث عن التجربة بصراحة
-2 دورات تثقيفية تنفيذية تستهدف ملاك ومديري الشركات غير المدرجة.
3-إعادة تشكيل الخطاب الترويجي لسوق نمو، بحيث يتجاوز لغة الأرقام ويُخاطب دوافع الانتماء، والاستقلالية، والأمان الاستثماري.
خاتمة: الإدراج ليس فقط قرارًا ماليًا
التحول نحو سوق “نمو” لا يجب أن يُفهم على أنه خيار تمويلي فقط، بل هو قفزة ذهنية وثقافية تعني الانتقال من منطق “إدارة الشركة كملكية خاصة” إلى “إدارتها ككيان حيّ يشارك جمهوره في نموه”. ولعل نجاح التحول لن يكون فقط في عدد الشركات المدرجة، بل في تغيير النظرة العامة إلى السوق المالي كمجال شفاف، ناضج، وآمن للنمو المشترك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال