الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظل عالم الأعمال المتسارع تواجه المنظمات مختلف المخاطر التي تؤثر على قدرتها في تحقيق أهدافها الاستراتيجية. المهم أن يكون لدى المنظمات إطار عمل واضح للتعامل مع المخاطر على كافة المستويات لاسيما الإستراتيجية، حيث يساعد هذا الإطار المنظمات على تحديد المخاطر وتقييمها وتخفيفها بطريقة تحمي أهدافها الاستراتيجية بحيث تغطي تلك المخاطر المشهد الاستراتيجي لأهداف ومهام المنظمات وأهم مجالات المخاطر التي تتطلب اهتمام القيادات العليا وإشرافها المستمر لضمان تخفيفها.
تعتبر مخاطر النزاهة بمختلف صورها واشكالها من أهم المخاطر التي تؤثر على المنظمات خاصة في السياسات والاستراتيجية، وهيكل الحوكمة، وسمعة تلك المنظمات. حيث أن أثر وقوعها يؤدي إلى وقوع ممارسات فساد مالي وإداري توقع الضرر بالمنظومة وتضرب بشكل واضح أهداف المنظمة الاستراتيجية وتقلل من الروح المعنوية لدى المنسوبين وتضعف تطوير الأداء التنظيمي.
تعرّف مخاطر النزاهة بأنها نقاط الضعف في أنظمة وإجراءات العمل والتي يُمكن أن تتيح أو تسهل ارتكاب ممارسات الفساد، ولمخاطر النزاهة مصدرين رئيسين لوقوعها، الأول مخاطر النزاهة الشخصية، وهي المخاطر المتعلقة بمدى وجود تسامح مع ممارسات الفساد لدى الشخص، أو وجود دوافع شخصية لديه. والجانب الآخر مخاطر النزاهة الموضوعية، وهي المخاطر المتعلقة بضعف التدابير التنظيمية لدى المنظمة مثل: عدم وجود قواعد السلوك الوظيفي، وعدم كفاية السياسات واللوائح والأنظمة وغيرها لمعالجة ممارسات الفساد. تناول «نموذج مثلث الفساد» الإطار الأساسي للفساد وحدوث انتهاكات للنزاهة والمتمثل في العناصر الثلاثة الأساسية وهي وجود الدوافع أو الضغوط، ووجود الفرصة، وإمكانية التبرير. فالضلع الأول من المثلث يتمثل في وجود الدوافع أو الضغوط التي تؤدي إلى الاحتيال والفساد بسبب الديون الشخصية أو الخوف من الحرمان من الترقية أو الفصل من العمل أو حتى التهديد بالسجن وفرض العقوبات، فهي حاجة يحاول الشخص الفاسد تلبيتها عبر ارتكاب عمل غير نزيه. أما الضلع الثاني من المثلث فيتعلق بوجود الفرصة، وهي قدرة الشخص الفاسد على القيام بسلوك غير نزيه بسبب منصبه، حيث يستغل مرتكب الفساد أو الاحتيال نقاط الضعف الموجودة في الرقابة الداخلية، وبالتالي يستطيع تخطي إجراءات الرقابة دون أن ينكشف أمره أو يستطيع إخفاء السرقة أو الاختلاس على سبيل المثال بكل سهولة، أما الضلع الثالث في المثلث فهو إمكانية التبرير، فقد يشعر الموظف أنه قدم الكثير من الجهد والتضحية في الجهة التي يعمل بها، وبالتالي يتوقع الحصول على مكافآت مالية تقديراً لتفانيه في العمل، وإذا لم يحصل على ذلك يقوم بالبحث عن بدائل أخرى غير مشروعة يعتقد أنها حق مشروع له.
ويظهر تأثير مخاطر النزاهة على السياسات والاستراتيجية للمنظمة بعدد من الصور أهمها خطر تأثر قرارات صناع القرار لتحقيق مكاسب شخصية أو لصالح أحد الأقرباء مما قد يؤثر على سمعة المنظومة. كما تؤثر مخاطر النزاهة على اطار الحوكمة كون أُطر الحوكمة غير الناضجة تؤدي إلى عدم كفاية الرقابة اللازمة على القطاعات وانعدام المساءلة بين المنسوبين حيث أن ذلك يؤدي إلى سلوكيات لا تتماشى مع قواعد السلوك الوظيفي واخلاقيات الوظيفة العامة والتي قد تحدث نتيجةً لعدم وجود الردع الكافي للمنسوبين والذي يتولد من خلال تكثيف التواصل بين الرؤساء ومرؤوسيهم، مع ضرورة وضع الضوابط الوقائية المخففة للحد من تلك المخاطر وتقديم عمليات التدريب والتوعية المختلفة عن انتهاكات النزاهة ومخاطر الفساد تقدم الى كافة المستويات الوظيفية في المنظمة، حيث أن رفع مستوى الوعي لدى المنسوبين وتقديم التدريب بشكل كافٍ يؤدي لاتباع مبادئ النزاهة بأنفسهم عبر تكوّن ثقافة الامتثال للنزاهة بما يمكنهم من الرد على انتهاكات النزاهة ان ظهرت لدى أحد المنسوبين الأخرين. أما فيما يتعلق بتأثير مخاطر النزاهة على سمعة المنظمة فيحدث عند وجود ضعف الحوافز المادية وقلة الدعم المعنوي حيث انها تؤدي إلى استياء المنسوبين وشعورهم بعدهم الرضا وقلة المساواة وتكون دافعًا لحدوث انتهاكات النزاهة.
تأتي مهمة تقييم مخاطر الفساد كدور رئيسي لإدارات المراجعة الداخلية او الالتزام او الرقابة وذلك عبر اتباعها لأفضل الممارسات المخففة لانتهاكات النزاهة. حيث تكمن مهمتها الحقيقية قي وضع الأطر والسياسات الملائمة للحد من مخاطر الفساد، وتقديم التوعية والتدريب بما يرفع مستوى السلوك القويم والامتثال للنزاهة، وكذلك على تطوير وتفعيل مختلف الوسائل والضوابط الرقابية التي تحد من مخاطر الفساد وانتهاكات النزاهة من خلال عدة وسائل أبرزها:
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال