الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الهندسة العكسية هي مصطلح يستخدمه مهندسوا التكنولوجيا بشكل عام وهو عبارة عن عملية تفكيك وتحليل الأنظمة أو المنتجات لفهم كيفية عملها لتطوير نسخ محسنة منها. أي بالمعنى العامي إعادة حلحلة الحبال المربوطة لمعرفة كيف تم ربطها. بدأ استخدام هذه التقنية بشكل رئيسي في مجال التكنولوجيا والهندسة، لكنها انتقلت تدريجيًا إلى مجالات أخرى مثل الإدارة والقيادة، وأصبح لها دور مهم في تحسين الأداء التنظيمي وتطوير أساليب القيادة. في هذا المقال المختصر-عزيزي القارئ- سنتناول نظرية الهندسة العكسية من منظور قيادي، وكيفية تطبيقها في تحسين العمليات واتخاذ القرارات الصحيحة.
ينقسم القياديين في هذه النظرية إلى قسمين: الأول يستفيد من النماذج الناجحة (في الهندسة العكسية) في صنع قرارات جديدة ووضع خطط مفيدة، بينما النوع الآخر يرغب فقط في الاطلاع على التجارب السابقة بغرض تحليل الإخفاقات وأسبابها ومقارنتها مع ما تم وضعه من خطط وما تم صناعته من قرارات. فالنوع الأول يحاول فهم أسباب النجاح بينما النوع الثاني يريد تجنب تكرار الأخطاء.
هناك أمثلة لا حد لها من استفادة وتبني الشركات الكبرى والوزارات في المملكة لنظرية الهندسة العكسية، نيوم مثلاً استفادت من تفكيك شفرة العديد من المشاريع العالمية الناجحة في مجال التخطيط الحضري الإنساني والبنى التحتية الذكية وحلول الطاقة المستدامة، بل وأعمق من ذلك فقد وصلت نيوم إلى التمكن من دمج التقنيات الحديثة مع الثقافة المحلية للمملكة مما ينم عن استغلال احترافي للهندسة العكسية على أوسع نطاق حتى قال كلوز شواب، مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي: “نيوم تثبت أن المستقبل لا يُبنى من الصفر، بل على أكتاف تجارب العالم”.
من الناحية الصناعية فالشركات الكيميائية مثلاً استفادت من تجارب شركة باسف (عملاق الكيمياء الألماني) وداو كيميكال (ثاني أكبر شركة كيميائية في العالم) في تطوير المجمعات الصناعية الضخمة في الجبيل وينبع والتي تزدان اليوم بكثرة المصانع المتطورة والمراكز البحثية في مجال التصنيع والتطوير.
كما استفادت أغلب شركات الألبان من تجارب دانون ونستلة العالمية في تطوير المنتجات لكافة فئات المجتمع من كبار وأطفال بالإضافة إلى استراتيجيات الانتشار والتسويق والوصول لأبعد العملاء وأصعب الأماكن.
على الصعيد الحكومي أيضاً، استفادت بعض الوزارات من تفكيك خوارزميات بعض التطبيقات العالمية التي تنظم عملية تسريع إجراءات ومعاملات المواطنين والمقيمين رقمياً حتى أصبحت اليوم تعتمد على منصات تعتبر الوجهة الأولى للوزارة والمراجعين على حد سواء.
القائمة تطول ولا يتسع المقام لذكرها فشركات الاتصالات وتطبيقات التوصيل والبنوك ومنصات التعليم وغيرها الكثير، كلها تبنت استراتيجية الهندسة العكسية بطريقة أو بأخرى.
على مستوى القياديين في المنظمات المحلية والعالمية على اختلاف أنشطتها وحجمها، تعتبر هذه الاستراتيجية أداة فاعلة في تحسين بيئة العمل وتسريع عجلة النمو وكذلك توفير الوقت والتكلفة في عمليات الإنشاء والتطوير.
حتى انت-عزيزي القارئ- تستطيع الاستفادة من الهندسة العكسية في أي مجال من مجالات حياتك، سواء كنت موظف، رائد أعمال أو حتى باحث عن عمل وذلك بالاستفادة من تجارب الآخرين ممن سبقوك في مجالك الذي تعتزم السير فيه وذلك بسبر أغوار تجارب الآخرين وتفكيك شفرة نجاح الناجحين (الأسباب والأساليب) للوصول لهدفك بأقل التكاليف وأقصر الأوقات.
ختاماً أنصحك بما قاله عبقري الأعمال – وارن بافيت: “لا تكرر ما يفعله الناجحون حرفياً، بل افهم المبادئ الأساسية لطريقة عملهم ثم صمم نسختك المميزة”
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال