الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في خطوة تاريخية ستعيد تشكيل مستقبل سوق العقارات في العاصمة السعودية، صدر قرار ملكي برفع الإيقاف عن التصرفات العقارية عن مساحة تتجاوز 81 كيلومتراً مربعاً شمال الرياض، مع حزمة من الإجراءات التنظيمية التي من المتوقع أن تؤدي إلى استقرار أسعار الأراضي ويأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه سوق العقارات في الرياض ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار، حيث بلغ متوسط سعر المتر للأرض 4,786 ريالاً، وارتفعت أسعار الشقق بنسبة 8.4% خلال العام الماضي، مما شكل عبئاً متزايداً على المواطنين الساعين لتملك مساكنهم.
تضمن القرار الملكي خمسة إجراءات رئيسية ستحدث تغييراً جذرياً في سوق العقارات بالرياض، حيث تم رفع الإيقاف عن البيع والشراء والتقسيم وإصدار رخص البناء عن مساحة 81.48 كيلومتراً مربعاً شمال الرياض، مما سيفتح آفاقاً جديدة للتطوير العقاري، إضافة إلى توفير 10-40 ألف قطعة أرض سكنية مخططة ومطورة سنوياً على مدى 5 سنوات بسعر أقصى لا يتجاوز 1500 ريال للمتر المربع، وتعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء لتعزيز المعروض العقاري وضبط السوق. كما سيتم تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين لتحقيق التوازن في سوق الإيجارات. وأخيرا تكليف الهيئة العامة للعقار والهيئة الملكية لمدينة الرياض بمراقبة أسعار العقارات وتقديم تقارير دورية حول مستجدات السوق.
تأثيرات إيجابية على مختلف الفئات
سيستفيد المواطنون السعوديون بشكل كبير من هذا القرار، إذ من المتوقع تحسن فرصهم في الحصول على السكن المناسب بأسعار معقولة، مما سيخفف العبء المالي لتملك الأراضي والمساكن، ويعزز الاستقرار الاجتماعي من خلال زيادة نسبة تملك المساكن.
كما سيستفيد المستأجرون من تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين، مما سيوفر حماية أكبر لحقوقهم، ويؤدي إلى استقرار أكبر في سوق الإيجارات وتقليل التقلبات السعرية.
وبالنسبة للمطورين العقاريين، سيفتح القرار فرصاً جديدة للتطوير في المناطق المرفوع عنها الإيقاف، مع زيادة الطلب على خدمات التطوير العقاري من المستفيدين من الأراضي الجديدة.
تحول في استراتيجيات الاستثمار العقاري
على المدى الطويل، اتوقع تحولاً في استراتيجيات الاستثمار العقاري من المضاربة إلى التطوير طويل الأمد، مع انحسار ظاهرة المضاربة على الأراضي البيضاء، وزيادة الاهتمام بالعوائد التشغيلية المستدامة.
ومن المتوقع أن يشهد القطاع العقاري تنويعاً في المحافظ الاستثمارية العقارية، وتوزيعاً للاستثمارات بين مختلف القطاعات، مع التوسع في المناطق الجديدة والاحتفاظ بأصول في المناطق المركزية.
كما اتوقع نمو صناديق الاستثمار العقاري وأدوات الاستثمار الجماعي، وزيادة الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مشاريع التطوير الكبرى، مع تطور أدوات التمويل العقاري وتنوعها.
دعم لأهداف رؤية 2030
سيساهم القرار الملكي بشكل كبير في تحقيق أهداف رؤية 2030 المتعلقة بالإسكان، خاصة هدف رفع نسبة تملك المساكن من 60% الى 70% بحلول العام 2030، من خلال توفير خيارات سكنية متنوعة تناسب مختلف شرائح المجتمع، وتحسين القدرة على تحمل تكاليف السكن.
وسيؤدي القرار إلى تعزيز جودة الحياة في الرياض من خلال تطوير مجتمعات سكنية متكاملة، وزيادة المساحات الخضراء والمفتوحة في المناطق الجديدة، وتبني معايير البناء الأخضر والاستدامة في المشاريع الجديدة.
وسيدعم القرار التنويع الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة في قطاع البناء والتشييد، وتعزيز دور الشركات المحلية في مشاريع التطوير العقاري، وزيادة مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي.
من متابعتي للقطاع العقاري خلال العقود الماضية ووفق حديثي مع مجموعة من الخبراء المستثمرين العقاريين، فمن المتوقع أن يقوم الكثير منهم بإعادة تقييم محافظهم العقارية في ضوء التغيرات المتوقعة في السوق، وتنويع استثماراتهم بين مختلف القطاعات والمناطق، واستغلال توازن الأسعار المتوقع لشراء أصول في مواقع استراتيجية.
أما المطورون العقاريون وأنا أحدهم فينصحون واشاركهم هذه النصيحة بأهمية تسريع تطوير الأراضي البيضاء المملوكة لتجنب الرسوم المتوقعة، والتركيز على تطوير وحدات سكنية ميسورة التكلفة، وتطوير مجتمعات سكنية متكاملة توفر جميع الخدمات الأساسية، وتبني معايير البناء الأخضر والاستدامة في المشاريع الجديدة.
وفي الختام، يمثل القرار الملكي فرصة كبيرة لإعادة توازن سوق العقارات في الرياض وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع تحديات تتطلب تنسيقاً فعالاً بين مختلف الجهات المعنية ومتابعة مستمرة لتطورات السوق.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال