الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
انا مع الرأي انه لا يمكن لقطاع اقتصادي ان يزدهر وينمو وينافس بطريقة تضمن ديمومته الا من خلال وجود تشريعات (تفصيلية) منظمة. ايضا لا يمكن لقطاع اقتصادي ان ينمو ويزدهر وينافس الا من خلال (ترك قوى السوق) تحديد الاسعار، فلا ينبغي بأي حال من الاحوال تدخل الجهات التشريعية في تحديد سعر اي خدمة او سلعة او سند او سهم مهما كان، لا بد من ترك التسعير للسوق.
وانني اتفهم الرأي الذي يقول ان هناك سلع اساسية لو تركت للسوق فربما اضر بمن لا يملك قيمته، اقول نعم ولكن في رأيي تحدد القوى السوقية السعر عموما والاساسي من السلع (كالسكن والخبز .. الخ) يودع المبلغ الذي يضمن الحصول عليه في حساب (المستحق) (وبالاسم). ارى ان هذه المعادلة، مع غيرها من الامور، كفيلة ببناء اقتصاد قوي وببناء مجتمع قابل للديمومة والمنافسة.
صدرت توجيهات سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الامير محمد بن سلمان – حفظه الله- في العيد بما يضمن معالجة مكامن الخلل في عقارات الرياض، وما وجه به الامير محمد بن سلمان قمة الصواب. وما وجه به سيضمن استقرار السوق العقاري في الرياض لا شك. ولفت انتباهي تصريح معالي الاخ وزير الشؤون البلدية والقروية والاسكان ماجد الحقيل لقناة الاخبارية ما نصه (نظام الإيجار يشهد مراجعة شاملة تشمل العلاقة التعاقدية وعناصر تنظيمية إضافية)، وهذا ما اود ان اعلق عليه.
اولا اتمنى التوفيق للوزارة وغيرها من الجهات الحكومية ذات العلاقة في مراجعتهم الشاملة ولكن من الواجب التذكير هنا انه لا ينبغي التدخل في التسعير بأي شكل من الاشكال، كما ولا ينبغي تحديد سقوف عليا لأي ارتفاع أو حتى (انخفاض) لسعر التأجير. وأرى ان اي تدخل في التسعير وتذبذباته سيؤدي لمشكلة كبيرة لا يسهل الخروج منها، والمشكلة لن تؤثر على القطاع العقاري فقط بل ستمتد حتى لقطاعات اخرى.
القطاع العقاري اهم مكونات اقتصاد المملكة، وهو حساس، والطريقة المثلى لإدارته هو تركه لقوى السوق. قوى السوق وحدها من يقدر (العرض والطلب). في حال رأت الحكومة ان تسعير السوق غير متزن وفق ما هو متوفر لها من معلومات، وان هناك خلل فمن حقها التدخل لا شك، خصوصا ان قوى السوق ثبت بما لا يدع مجال للشك انها تبالغ احيانا وهذا مشاهد حتى في اكثر الاسواق حرية، ولكن تدخل الحكومة لا ينبغي ان يكون من خلال تحديد او تقنين او وضع سقف اعلى او ادنى للاسعار، بل يكون من خلال (الضريبة). ولن اطيل في شرح مقتضى ما اكتب فذوي التخصص يعرفون تفاصيلة.
عند النظر في تجارب الدول الاقتصادية الكبرى المتقدمة نجد ان الازمات العقارية ليس سببها العقاريين (ابدا). فهم بريئون براءة الذئب من دم سيدنا يوسف عليه السلام. عند النظر (بحياد) تام للمشاكل العقارية في العالم نجد انها اما بسبب خلل في منح الائتمان، او خلل في تشريعات المنافسة او حتى خلل في المعايير المحاسبية. المطورون العقاريون يلبون الطلب ويقدمون العروض وهم قادرون على بناء عشرة اضعاف ما هو موجود في العالم، الخلل كله في خلق الطلب بطريقة غير صحيحة.
طبعا هناك نماذج في العالم لدول متقدمة لم يلبي المطورين العرض، ولكن حين النظر بإنصاف نجد ان هناك اشكالية في المنافسة او اشكالية محاسبية (تعسف محاسبي مخالف لعموم الاقتصادات المتقدمة).
نحن في المملكة ولله الحمد نحظى بقوانين داعمة ومعايير محاسبية منصفة (ولا يوجد احتكار) للقطاع العقاري، كما ولدى بنوكنا وجهات التمويل المختلفة سياسات ائتمانية حصيفة، ويوجد ايضا دعم مالي لطالبي السكن المستحقين ويوجد ايضا مانحون كرام للفئات التي قدر الله عليها عدم التمكن.
الغرض من مقالي هذا مجرد تذكير، ودافعه استشعاري لواجب ابداء النصح والرأي حيال ما ارى صوابه ( وقد اخطئ). وقطاعنا العقاري دوما وابدا في نمو بإذن الله، يضمن ذلك الرؤية وعزيمة السعوديون والسعوديات كل في موضعه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال