الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تُعد الحوكمة اليوم أحد أهم الركائز لتحقيق الشفافية والكفاءة في أداء الجهات العامة والخاصة على حد سواء. ومع تسارع التحولات الوطنية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن مستهدفات رؤية 2030، برزت الحاجة إلى تبني إطار مؤسسي يُعزز من الاستخدام الأمثل للموارد العامة ويُكرَس الثقة في مؤسسات الدولة، وفي هذا السياق، جاء اعتماد مجلس الوزراء للدليل الاسترشادي لحوكمة الجهات العامة كخطوة مهمة واستراتيجية لإرساء مبادئ الحوكمة الرشيدة، وإيجاد إطار مرجعي موحد للجهات العامة للبدء في العمل على تحسين نماذج وأطر حوكمتها؛ بما يسهم في تحقيق المستهدفات الوطنية بكفاءة وفاعلية.
الدليل الاسترشادي: مرجعية موحدة تُعزز كفاءة أداء الأجهزة العامة.
يهدف الدليل الاسترشادي إلى إبراز وتوحيد المفهوم العام للحوكمة في القطاع العام، وتعزيز مبادئها والممارسات المرتبطة بها؛ آخذًا بعين الاعتبار طبيعة عمل كُل جهة واحتياجاتها التنظيمية والتشغيلية، ويأتي ذلك في إطار السعي إلى رفع كفاءة الإنفاق، وتفعيل أفضل الممارسات في إدارة الموارد البشرية والمالية، وتقليل الهدر، وتعزيز الأداء المؤسسي.
وحيث أن مبادئ الحوكمة في القطاع العام تختلف باختلاف النظم السياسية والإدارية لكل دولة؛ فقد تبنى الدليل الصادر من مجلس الوزراء مجموعة من المبادئ التي تتلاءم مع البيئة المحلية واحتياجاتها، وتتوافق مع أفضل الممارسات الدولية، وتساعد هذه المبادئ في بناء مقاييس لقياس مدى التقدم الذي تحققه أجهزة الدولة في مستويات الحوكمة الرشيدة.
مبادئ الدليل الاسترشادي: من السيادة إلى الاستدامة.
تبنى الدليل الاسترشادي عددًا من المبادئ التي تُعد حجر الأساس في الوصول إلى الحوكمة الرشيدة، وتتمثل هذه المبادئ فيما يلي:
التطبيق: مسؤولية تكاملية تتطلب أدوات قياس.
أناط الدليل الاسترشادي مسؤولية تطبيق الحوكمة في الجهات العامة إلى الإدارة الإشرافية ابتداءً ثم للمسؤول التنفيذي والإدارة التنفيذية ثم لمنسوبي الجهة العامة، حيث يستلزم الوصول لمستويات متقدمة في الحوكمة الرشيدة بناء عمل تكاملي بين العاملين في الجهة العامة باختلاف مستوياتهم الإدارية ومسؤولياتهم الوظيفية؛ لضمان التنسيق الدائم والمتناغم فيما بينهم.
ويشمل التطبيق تطوير الأطر التشغيلية من خلال بناء هياكل تنظيمية واضحة تُحدد المسؤوليات المنوطة بكل مسؤول ووحدة إدارية، وترسم بوضوح مستويات وخطوط السُلطة، كما أن التطبيق يتطلّب إنشاء مصفوفة صلاحيات تُعزز الفصل الواضح في الأدوار والمسؤوليات، وإعداد سياسات داخلية تسهم في رفع مستويات الامتثال، بالإضافة إلى وضع معايير واضحة للرقابة والتقييم، وكل ذلك يصب في تعزيز العمل المؤسسي، وتحقيق التكامل المعرفي والاستدامة على المدى البعيد.
ختامًا: نشر الوعي وتطوير القدرات.
يُشكل الدليل الاسترشادي لحوكمة الجهات العامة خطوة ذات أهمية بالغة للجهات العامة في المملكة، ويعكس مدى اهتمام القيادة بالوصول إلى مستويات متقدمة في الحوكمة الرشيدة، ولتحقيق الغاية المنشودة من إقرار الدليل؛ فإن الأمر يتطلب ترسيخ الوعي بمفهوم الحوكمة للعاملين في القطاع العام، وبناء القدرات البشرية في هذا المجال من خلال التعليم والتدريب، إلى جانب تطوير أدوات قياس فعالة لقياس مدى نضج تطبيق الحوكمة في الجهات العامة.
إن مواكبة هذه التحولات تتطلب وجود بنية مؤسسية مرنة، وقدرات بشرية مؤمنة بالتغيير؛ قادرة على التكيف مع متطلبات المرحلة، وساعية لتحقيق عمل مُستدام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال