الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
برز صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) خلال السنوات الأخيرة كأحد أكثر الصناديق السيادية تأثيرًا على مستوى العالم، إذ يجمع بين الحضور القوي في الساحة الاقتصادية الدولية، والدور المحوري في إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي المحلي. هذا التوازن يطرح تساؤلًا جوهريًا: إلى أين يتجه هذا العملاق؟ عالميًا أم محليًا؟
منذ تأسيسه في السبعينات بهدف تمويل المشاريع الحيوية، ظل الصندوق يؤدي دورًا تقليديًا إلى أن جاء التحول الجذري مع إطلاق رؤية المملكة 2030، حيث أُعيدت هيكلته ليصبح ذراعًا استراتيجيًا يدير أصولًا تتجاوز 700 مليار دولار، مع طموح لبلوغ تريليون دولار خلال هذا العام. وهكذا انتقل من صندوق تقليدي إلى مؤسسة ديناميكية تقود تحولًا اقتصاديًا واسع النطاق.
على الصعيد العالمي، يمتلك الصندوق أذرعًا استثمارية في قطاعات متعددة كالتقنية، والرياضة، والعقارات، والسياحة. من أبرز استثماراته العالمية: المساهمة في شركات تقنية رائدة مثل أوبر ولوسيد موتورز، والاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، والمشاركة في تأسيس دوري الغولف العالمي. هذه التحركات جعلت منه ليس مجرد مستثمر عالمي، بل صانع قرار ومؤثرًا في السياسات الدولية في بعض القطاعات.
أما على المستوى المحلي، فإن الصندوق يقوم بدور قاطرة التنمية الاقتصادية من خلال إطلاق وتطوير عشرات الشركات الوطنية في مجالات واعدة. ويبرز دوره كمطور وطني عبر مشاريع عملاقة مثل نيوم، ذا لاين، القدية، البحر الأحمر، فضلًا عن استثمارات استراتيجية في الصناعة، البنية التحتية، سلاسل الإمداد، وتنمية المحتوى المحلي. كما أولى اهتمامًا بالغًا بالطاقة المتجددة، عبر استثمارات في الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية، دعمًا لأهداف التنمية المستدامة. وأسهمت هذه المبادرات في خلق آلاف الوظائف ورفع مساهمة الناتج المحلي غير النفطي.
ورغم التحديات التي يواجهها الصندوق – لا سيما في التوازن بين الاستثمارات طويلة الأجل وتحقيق عوائد سريعة لتمويل المشاريع المحلية، إضافة إلى التقلبات في الأسواق العالمية – إلا أنه يواصل التقدّم بثقة، مرتكزًا على رؤية وطنية واضحة، وفريق إداري كفء، ودعم حكومي غير مسبوق.
إذًا، كيف نُجيب عن السؤال الأساسي: هل يتجه الصندوق نحو العالمية أم يركز على الداخل؟ الإجابة: كلاهما. فـصندوق الاستثمارات العامة لا يختار بين أن يكون لاعبًا عالميًا أو محركًا محليًا، بل يجسّد رؤية سعودية جديدة ترى أن الطموح العالمي والانتماء الوطني لا يتعارضان، بل يُكمل أحدهما الآخر. وبينما يستثمر في شركات تغيّر قواعد اللعبة عالميًا، يبني مدنًا محلية ترسم ملامح مستقبل مختلف للأجيال القادمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال