الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في سعيها الدؤوب نحو مَأْسَسة الشفافية وتعزيز دولة القانون، خطت المملكة العربية السعودية خطوة تشريعية بالغة الرصانة بإصدار مجلس الوزراء قراره رقم (182) بتاريخ 11/9/1446هـ، المُرتكز على البرقية المرفوعة من معالي وزير الدولة، رئيس لجنة التشريعات القضائية، الدكتور عصام بن سعد بن سعيد – حفظه الله – برقم (1661) وتاريخ 4/2/1446هـ، في شأن “إعادة النظر في الأسلوب المتبع في الجريدة الرسمية لنشر الأنظمة”، بما يواكب التحولات الرقمية ومتطلبات المرحلة الحديثة.
جاء هذا القرار ليؤسس لمرحلة نظامية جديدة، تنأى عن الاجتهادات المتفاوتة، وترسم طريقًا واضح المعالم لسريان الأنظمة، حيث نصَّ بجلاء على الأثر القانوني لنشر النظام في الجريدة الرسمية – سواءً عبر نسختها الورقية أو الإلكترونية –ولزومه فور نشره، وتُرتَّب عليه كافة الآثار القانونية المتعلقة بحساب الآجال والمواعيد، ما لم يرد نص صريح بخلافه في ذات التنظيم.
وفي سياق ترسيخ الانضباط التشريعي، ألزم التنظيم الجهات المختصة بالتحقق من التقيد بمواعيد الإصدار الدورية، واضعًا حدًا لأي تعليق أو إرجاء لنشر الأنظمة تحت ذرائع إجرائية.
ومع إدراكه لمقتضيات السرعة أحيانًا، راعى التنظيم حالة الاستعجال فيما يتعلق بنشر نظام أو لائحة أو ما يستلزم نشره بصفة عاجلة، فأجاز إصدار عدد خاص إلكتروني يُعتد به نظامًا.
وقد جاء هذا النهج متسقًا مع ما قرره النظام الأساسي للحكم في مادته (٧١)، التي نصت على: (تنشر الأنظمة في الجريدة الرسمية، وتكون نافذة المفعول من تاريخ نشرها، ما لم ينص على تاريخ آخر)، بما يعكس إرادة المنظم في إضفاء الحصانة النظامية على مبدأ العلنية، وضمان نفاذ الأنظمة وعدم قبول العذر بالجهل بها.
وبهذا، يثبت التنظيم أركان النظامية، مدعومًا بتسلسل عددي محكم يحفظ البناء التشريعي من الاضطراب أو الانقطاع، ويصون حقوق المتعاملين مع المنظومة النظامية على اختلاف مستوياتهم.
ويمثل هذا التنظيم نقطة تحوّل فارقة، تجسد إدراك القيادة الرشيدة أن سلامة النشر ليست ترفًا إجرائيًا، بل هي دعامة جوهرية لضمان الأمن القانوني والاستقرار التشريعي. ويحقق التنظيم في ثناياه جملة من الأهداف الحيوية، منها:
ولا يخفى أن أهمية القرار تتجلى في توقيته الدقيق، حيث يواكب الحراك الاقتصادي والتشريعي المتسارع الذي تشهده المملكة ضمن مستهدفات رؤية 2030م، ويُعزز مناخ الشفافية والوصول السريع إلى النصوص النظامية، بما يُسهم في تحقيق العدالة الناجزة والاستقرار المؤسسي.
إن تنظيم نشر الأنظمة، في جوهره، هو تثبيت لمبدأ أن لا سلطان على الناس بغير علم ولا معرفة، وأن نفاذ الأنظمة يجب أن يمر عبر بوابة مكشوفة للجميع، صونًا للحقوق، وحمايةً للثقة العامة، وتكريسًا لمكانة الدولة الحديثة القائمة على الوضوح وحسن النفاذ.
وختامًا، فإن ما تحقق بفضل هذه المبادرة التشريعية المباركة يُعد إضافة نوعية للمنظومة القانونية السعودية، ويؤكد أن مسيرة التطوير لم تقتصر على إصدار النصوص، بل امتدت إلى ضبط أدوات النفاذ، في انسجام تام مع متطلبات العصر وروح الدولة الحديثة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال