الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظل التحولات العالمية نحو الطاقة النظيفة أصبح الهيدروجين الأخضر أحد أبرز الحلول المطروحة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري ومواجهة التغير المناخي. هذا الوقود الخفيف وعالي التفاعل يتم إنتاجه عبر عملية التحليل الكهربائي التي تعتمد على الكهرباء المولدة من مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية أو الرياح لفصل جزيئات الماء إلى عنصري الهيدروجين والأكسجين. ما يميز هذه العملية أنها لا تنتج أي انبعاثات كربونية مما يجعل الهيدروجين الأخضر مصدراً مستداماً وصديقاً للبيئة ويدفع نحو مستقبل يعتمد على طاقة نظيفة وفعالة.
تتعدد استخدامات الهيدروجين الأخضر حيث يُعتمد عليه في تشغيل المعدات الكهربائية من خلال خلايا الوقود الهيدروجينية وإنتاج الأمونيا السائلة التي تستخدم كوقود للسفن كما يوفر الحرارة اللازمة لصناعة الفولاذ الأخضر بديلاً عن الفحم ويُستخدم في تشغيل توربينات توليد الكهرباء ويدخل في عمليات الطهي والتدفئة المنزلية كبديل للغاز الطبيعي. كما يعد خياراً استراتيجياً لإزالة الكربون من الصناعات الثقيلة مثل صناعة الصلب وهو ما يعزز التحول إلى بيئة صناعية أكثر استدامة. إن هذا التوجه لا يقتصر فقط على تقليل الانبعاثات الضارة بل يساهم أيضاً في تنويع مصادر الطاقة مما يعزز الاستقرار الاقتصادي ويحد من التقلبات التي يفرضها الاعتماد على النفط والغاز كمصادر رئيسية للطاقة.
في ظل هذا التحول تتسابق الدول للاستثمار في الهيدروجين الأخضر مستهدفة تحقيق استقلالية أكبر في مصادر الطاقة وتقليل التأثير البيئي للصناعات التقليدية. مصر على سبيل المثال أطلقت الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون وتسعى من خلاله إلى إنتاج 1.5 مليون طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030.
أما السعودية فتخطو خطوات استباقية عبر استثمارات ضخمة في هذا المجال حيث يعد مشروع نيوم أحد أضخم مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر عالمياً بتكلفة تصل إلى 5 مليارات دولار ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج الفعلي في عام 2026 بطاقة يومية تبلغ 650 طناً من الهيدروجين الأخضر. ولم يقتصر الاهتمام السعودي على مشروع واحد بل تم تأسيس شركة كبرى برعاية صندوق الاستثمارات العامة الذي رصد ما يقارب 10 مليارات دولار لتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر مما يعكس التزام المملكة بتحقيق تحول جذري في قطاع الطاقة.
لم تتوقف الجهود عند الإنتاج المحلي بل امتدت إلى بناء شراكات دولية لتعزيز موقع المملكة في سوق الطاقة النظيفة حيث وقّعت السعودية وألمانيا مذكرة تفاهم لإقامة الجسر السعودي الألماني للهيدروجين الأخضر بهدف تصدير الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء من المملكة إلى الأسواق الأوروبية وهو ما يضع السعودية في مقدمة الدول المصدرة للطاقة النظيفة ويدعم جهودها لتنويع الاقتصاد وفق رؤية 2030.
هذا التوجه ليس مجرد خيار اقتصادي بل ضرورة استراتيجية لضمان استدامة الموارد وتعزيز القدرة التنافسية للمملكة في السوق العالمية. ومع تنامي الطلب على الطاقة النظيفة يصبح من الضروري على الدول مضاعفة استثماراتها في الهيدروجين الأخضر لضمان تحول ناجح نحو مستقبل مستدام. السعودية بمبادراتها الطموحة لا تهدف فقط إلى تحقيق أمنها في مجال الطاقة بل تسعى إلى قيادة التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة وهو ما يعزز مكانتها الاقتصادية ويدعم رؤيتها نحو اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال