الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عالم يتسارع فيه الزمن، وتتلاشى الحدود بين التخصصات، لم يعد النجاح الوظيفي يقتصر على إتقان مهارة واحدة أو التمسك بوظيفة وحيدة. اليوم، باتت القدرة على التكيف والتنوع في المهارات جواز سفر الأفراد نحو التميز في سوق عمل دائم التطور. إن الوظائف المتعددة، أو ما يُعرف بـ”اقتصاد المهام المتعددة”، تتطلب مزيجًا فريدًا من المهارات التقنية والشخصية التي تمكن الفرد من التألق في بيئات متنوعة.
وفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2023، من المتوقع أن يتم إلغاء 92 مليون وظيفة بحلول عام 2030، بينما سيتم خلق 170 مليون وظيفة جديدة، مما يؤدي إلى زيادة صافية قدرها 78 مليون وظيفة. لكن هذه الوظائف الجديدة لن تكون تقليدية؛ إذ أشار التقرير إلى أن 63% من الشركات العالمية، التي شملتها الدراسة وتوظف أكثر من 11 مليون شخص، تعاني من نقص حاد في المهارات الوظيفية، مما يعيق قدرتها على مواكبة التطورات. هذا النقص ليس مجرد أزمة عابرة، بل تحدٍ وجودي يهدد بطرد 120 مليون عامل من سوق العمل إذا لم يكتسبوا مهارات جديدة.
في عصر الثورة الصناعية الرابعة، تتصدر المهارات التقنية قائمة المتطلبات. مهارات مثل الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات، والأمن السيبراني أصبحت لا غنى عنها. تقرير صادر عن “كورسيرا” لعام 2025 يؤكد أن الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) يعيد تشكيل الصناعات، حيث يتوقع أن يحتاج 85% من الوظائف إلى درجة من الإلمام بالتقنيات الرقمية بحلول عام 2030. على سبيل المثال، أصبحت البرمجة وتطوير التطبيقات من أكثر المهارات طلبًا، حيث تشير دراسات إلى أن الشركات التي تستثمر في تطوير تطبيقاتها الخاصة تحقق نموًا في الإيرادات يصل إلى 30% أكثر من نظيراتها التقليدية.
وفي عالم يتغير بسرعة، يصبح التعلم المستمر مهارة بحد ذاتها. تقرير “iSpring” لعام 2025 يكشف أن الشركات الكبرى تخصص 8% من ميزانياتها السنوية لتدريب الموظفين، بمعدل 38 دولارًا لكل متعلم، بينما تصل هذه النسبة إلى 9% في الشركات الصغيرة. هذا الاستثمار ليس ترفًا، بل استجابة لتحديات عالمية مثل الأزمات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية. على سبيل المثال، في الصين، ساعد برنامج تدريب مهارات المهاجرين الريفيين، المدعوم من البنك الدولي، أكثر من 308 آلاف خريج على العثور على وظائف بين عامي 2009 و2015.
في عالم يتدفق فيه التغيير كالنهر الجارف، لا يكفي أن تكون بارعًا في مهنة واحدة. النجاح اليوم يتطلب أن تكون كالألماس متعدد الأوجه: تقنيًا، عاطفيًا، وثقافيًا. الإحصاءات تؤكد أن الاستثمار في المهارات المتعددة ليس خيارًا، بل ضرورة للبقاء في سوق عمل يتسم بالتنافسية والتغير. فكما قال الفيلسوف هيرقليطس: “التغيير هو القانون الوحيد الثابت”. فلنكن نحن، كأفراد، جاهزين لنركب موجة هذا التغيير بمهارات متنوعة وقلوب مفعمة بالطموح.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال