الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تابعت عن كثب تداعيات السياسة المالية والنقدية الأمريكية، ولاحظت انعكاسات غير مسبوقة على الدولار نتيجة تراكمات طويلة الأمد. بين الرسوم الجمركية التصاعدية، وتغيّرات في ميزان التجارة الأمريكي، وأيضا ضغوط الإنفاق التوسعي غير المدعوم إنتاجيا، أصبح الدولار تحت ضغط هيكلي، مما أثر بشكل مباشر على قوته الشرائية عالميا. هذا الضعف له أثر مباشر على السياحة، بسبب انه يزيد من تكاليف السفر إلى وجهات ترتفع فيها العملات البديلة مثل اليورو.
ووفقا لبيانات ساما ومنصات الصرف العالمية، سجل سعر صرف اليورو أمام الدولار في إبريل 2025 ارتفاعا إلى 1.152 مقارنة بـ 1.024 في إبريل 2024، بزيادة 9.34%. وهذا أدى إلى ارتفاع اليورو أمام الريال السعودي من 3.84 إلى 4.32 ريال، أي بنسبة 12.5% تقريبا. هذا التحول ليس رقما عابرا فقط، بل أداة حقيقية في إعادة تشكيل أنماط الاستهلاك السياحي.
كمثال واقعي: في 2024 كان متوسط إقامة في فندق 4 نجوم ببرشلونة لمدة 5 ليال يكلف السائح السعودي 3,500 ريال (910 يورو تقريبا). أما في 2025 ومع ذات السعر باليورو، أصبحت التكلفة 3,930 ريال بزيادة 430 ريال سعودي نتيجة تغير سعر الصرف. بينما السائح الأوروبي الذي يرغب بالإقامة في فندق مماثل بالرياض، والذي دفع في 2024 ما يعادل 3,500 ريال (910 يورو تقريبا)، أصبح يدفع 3,150 ريال (850 يورو) في 2025، مستفيدا من قوة عملته مقابل الريال المرتبط بالدولار عند 3.75.
كما نرى ان تحولات سعر الصرف تكشف عن فرصة اقتصادية نادرة لصالح السياحة الداخلية في السعودية. فعندما ترتفع تكلفة السفر إلى أوروبا على السائح السعودي، تزداد جاذبية الوجهات المحلية كخيار اقتصادي اقل تكلفة. وفي المقابل، يتمتع السائح الأوروبي بقوة شرائية أعلى داخل المملكة، تجعل من انفاقه أكثر كفاءة لصالح قطاعات أخرى. مما يفتح الباب واسعا لاستقطابه في ظل تراجع قيمة الريال المرتبط بالدولار أمام اليورو.
هذا التفاوت في القوة الشرائية يمثل نافذة مثالية لتعزيز الحضور السياحي الأوروبي في السوق السعودي، حيث يمكن تحويل هذا الظرف النقدي إلى مكسب اقتصادي ملموس. وهنا تبرز أهمية الدعم (العكسي) للرحلات القادمة من أوروبا عبر تخفيض تكلفة تذاكر الطيران او الرسوم بشكل او بآخر، والتي تمثل عبئا رئيسيا في ميزانية السائح، مما يضاعف من فرص قدومه.
انها فرصة فعلية لتحفيز الاقتصاد، فمن تنشيط القطاعات المرتبطة إلى خلق الوظائف وزيادة تدفقات النقد الأجنبي، تصبح هذه التحركات أكثر من مجرد مبادرات، بل أدوات لإعادة تشكيل مستقبل السياحة السعودية بتأثير طويل الأمد.
وأختم بتأكيد أن التحليل الاقتصادي والتوجهات المستقبلية تقودنا إلى نقطة مفصلية، فالسياحة السعودية اليوم، أصبحت أكثر من أي وقت مضى، فرصة لتحفيز الاستثمار الداخلي، وجذب المزيد من السياح الخارجيين في ظل تقلبات أسواق العملات العالمية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال