الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نحو مستقبل محكم الإدارة
في خطوة استراتيجية تعبّر عن التزام المملكة العربية السعودية العميق بتعزيز الكفاءة الحكومية وتفعيل مبادئ الحوكمة، أقرّ مجلس الوزراء السعودي في جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء الموافق 6 مايو 2025 اعتماد نموذج حوكمة الاستراتيجيات الوطنية. وتُمثّل هذه الخطوة نقلة نوعية في مسار الإدارة الحكومية، خصوصاً في سياق تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي دخلت مرحلتها الأخيرة وتتطلب من الدولة أعلى درجات التكامل والفاعلية المؤسسية.
يُعد هذا التوجه امتداداً طبيعياً لجهود المملكة خلال السنوات الماضية في إعادة هيكلة بنيتها الإدارية والتنظيمية، سعياً نحو تطوير نموذج حوكمة يتسم بالوضوح في توزيع الصلاحيات والمسؤوليات، والقدرة على مراقبة الأداء وتقييم الأثر. ومن المتوقع أن يشكّل النموذج الجديد حلقة تنظيمية مركزية تساعد على سد واحدة من أبرز الفجوات التي تواجه الاستراتيجيات الحكومية في كثير من الدول: فجوة التنفيذ.
ورغم أن تفاصيل النموذج لم تُعلن بعد، إلا أن الإعلان الرسمي يُمثّل إشارة أولى إلى بدء مرحلة جديدة من الحوكمة الحكومية الأكثر انضباطاً وفعالية. ويُتوقع أن يصدر لاحقاً إطار تنظيمي أو وثيقة سياسات توضّح الهيكل التنفيذي وأدوار الجهات المعنية ومسارات صنع القرار، إلى جانب آليات القياس والتقييم والمساءلة.
يكتسب توقيت اعتماد النموذج أهمية بالغة، إذ يأتي في مرحلة مفصلية بعد نحو تسع سنوات من إطلاق رؤية 2030، ومع دخول العديد من المشاريع الوطنية مرحلة النضج. كما تأتي هذه الخطوة استجابة لضرورة مراجعة وتحديث البرامج والمبادرات، وتسريع تنفيذها ضمن سياق مؤسسي صارم يربط بين التخطيط والتمويل والمتابعة والتقييم.
إن اعتماد نموذج موحّد لحوكمة الاستراتيجيات الوطنية يمكن أن يسهم في تعزيز الاتساق المؤسسي، ورفع كفاءة التنسيق بين الجهات التنفيذية، وتوفير منصة مرجعية لصنّاع القرار لمتابعة التقدم المحرز بشكل دوري وشفاف. كما يوفّر هذا النموذج فرصة لإرساء بيئة أكثر قدرة على الاستجابة للتحديات، والحد من تداخل الصلاحيات أو تعثر المبادرات بسبب غياب التوجيه أو ضعف الرقابة.
وفي المحصلة يُعد هذا الإعلان تأكيداً سياسياً وإدارياً على أن المملكة تخوض المرحلة الأخيرة من تنفيذ رؤيتها الوطنية بأقصى درجات الحوكمة والانضباط المؤسسي. كما يعزز من جاهزيتها لتحقيق تحول نوعي شامل في مختلف القطاعات، ويمنح الجهات الحكومية إطاراً متين للعمل المشترك المؤسسي.
إن هذا النموذج بما يُتوقع أن يتضمنه من أدوات تنظيمية وآليات متابعة، لا يمثل مجرد خطوة إدارية، بل هو ركيزة استراتيجية في طريق بناء مستقبل مزدهر، مرتكز على الأداء الفعّال والمساءلة والتكامل المؤسسي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال