من الرياض .. السعودية والولايات المتحدة ترسمان تحالفات المستقبل وتفتحان آفاقه على المنطقة والعالم

لم تعد السعودية تكتفي بأن تكون حاضرة في المشهد العالمي، بل أصبحت الدولة التي تغير ملامح المستقبل وتعيد تعريف معاني القوة والنفوذ، تحت قيادة ملهمة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، الذي قاد بحنكته واستراتيجيته الطموحة أعظم تحول اقتصادي وسياسي واجتماعي في تاريخ المملكة. في سنوات قليلة، انتقلت السعودية من مرحلة الاعتماد على النفط إلى بناء اقتصاد متنوع وقوة استثمارية عالمية تصنع الفرص وتعيد تشكيل الأسواق، وترسخ مكانتها كقوة مؤثرة في صياغة المستقبل.

تحت راية رؤية 2030، التي أطلقها ولي العهد لتكون خارطة طريق لعصر جديد، لم يكن التغيير مجرد شعارات ترفع، بل واقعا ملموسا أعاد صياغة السياسات الاقتصادية، وأطلق مشاريع غير مسبوقة، وفتح آفاقا جديدة أمام الأجيال القادمة.

هذا التحول العميق لفت أنظار العالم، حتى باتت الرياض محطة رئيسية لصناع القرار، ومركزا تعقد فيه كبرى القمم وترسم فيه السياسات الدولية. وفي هذا الأسبوع، تتجه الأنظار مجددا إلى العاصمة السعودية مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أول جولة خارجية له بعد توليه الرئاسة لولاية ثانية.

وفي خطوة تعكس مكانة المملكة العربية السعودية في صياغة المشهد السياسي العالمي، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله دعوة رسمية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي للقاء الرئيس الأميركي ترمب، لانعقاد قمة سعودية أميركية في الرياض، وسط توقعات بحضور قادة دول شقيقة، من بينهم رؤساء فلسطين وسوريا ولبنان، مما يمنح هذه القمة أبعادا سياسية وتاريخية غير مسبوقة.

تتسابق الكاميرات لتوثيق المشهد، لكن ما لا ترصده العدسات هو الأهم… هنا، في الرياض، تصاغ قرارات تتخطى حدود الجغرافيا وتعيد ترتيب موازين المصالح الدولية. زيارة تحمل رسائل أبعد من البروتوكول الدبلوماسي؛ فهي اعتراف دولي متجدد بأن السعودية اليوم ليست مجرد لاعب إقليمي، بل شريك رئيسي في صياغة توازنات السياسة والاقتصاد العالمي، بقيادة حكيمة ورؤية واضحة رسم معالمها سمو ولي العهد.

في هذه الزيارة المرتقبة، لا تطرح ملفات عابرة، بل تناقش تحالفات استراتيجية واتفاقيات اقتصادية ضخمة تتجاوز قيمتها تريليون دولار، تشمل مجالات الدفاع والطاقة والتقنية والذكاء الاصطناعي، إلى جانب بحث أوجه التعاون في تطوير برنامج نووي مدني سعودي، ضمن خطط المملكة لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على النفط.

وفي ظل استمرار الأزمات الإقليمية، خاصة القضية الفلسطينية، تتمسك السعودية بثوابتها، مؤكدة أن الأمن والاستقرار في المنطقة لن يتحققا إلا بتحقيق العدالة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو موقف ثابت يعكس التوازن السعودي بين القوة السياسية والحضور الاقتصادي، وبين الالتزام بالمبادئ ورسم سياسات المصالح المشتركة.

ولم يتوقف دور السعودية عند حدود القضية الفلسطينية، بل امتد دعمها ومواقفها الثابتة إلى مختلف قضايا العالمين العربي والإسلامي. كانت حاضرة بقوة في الملف السوداني، تسعى بكل جهد لوقف نزيف الدم وإعادة الاستقرار. وفي الملف السوري، لم تغب جهودها عن مسار الحل السياسي وتخفيف معاناة الشعب السوري. وفي الملف اللبناني، واصلت المملكة جهودها لدعم استقرار لبنان وتعزيز وحدته الوطنية، مؤمنة بأن استقرار لبنان ركيزة أساسية لأمن المنطقة. بل تجاوزت المملكة ذلك إلى حل أعقد الملفات الدولية، حين جمعت بين الهند وباكستان، وأعادت جسور الحوار بين دولتين ظلتا على حافة الصراع لعقود، في مشهد دبلوماسي تاريخي يقف خلفه حنكة ولي العهد ورؤيته الحاسمة في صناعة السلام

السعودية لا تكتب قصص النجاح بالأرقام وحدها، بل تصنعها بتأثير تحولاتها العميقة في المشهدين السياسي والاقتصادي العالمي. فبفضل رؤيتها الطموحة، رسخت مكانتها كقوة استثمارية مؤثرة، وصنعت تحالفات استراتيجية، وأسست لمشروعات كبرى تعيد تشكيل موازين الاقتصاد العالمي. في وطن يمضي بخطى ثابتة نحو المستقبل، تكتب قصص النجاح بحضور دولي فاعل، وتبنى الجسور نحو عالم أكثر استقرارا وازدهارا

ختام القول…
في عالم يموج بالتحولات وتضطرب فيه موازين القوى، تظل السعودية ثابتة في موقعها، تمسك بزمام المبادرة وتقود المشهد بثقة وإرادة. وها هي اليوم تؤكد مكانتها مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حين اختار أن يبدأ من الرياض، حيث ترسم السياسات وتعاد صياغة خرائط النفوذ.

ومع هذه القمة التاريخية، تتجه الأنظار إلى بيان سعودي أميركي مرتقب يعزز استقرار المنطقة ويدعم القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. كما ينتظر الإعلان عن اتفاقيات استراتيجية تفوق قيمتها تريليون دولار، تشمل مجالات الدفاع والطاقة النووية والمتجددة والتقنية المتقدمة، لترسخ المملكة مكانتها كقوة اقتصادية عالمية وصانعة لتحالفات المستقبل.

وفي الساعات القادمة، ستكشف الرياض عن قرارات تاريخية تعيد صياغة ملامح مرحلة جديدة وتضع العالم أمام معادلات قوى مختلفة لعقود قادمة.