الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظل التحول العالمي نحو الاقتصاد الرقمي يبرز الاقتصاد الإلكتروني كقوة محركة لإعادة تشكيل الأنشطة الاقتصادية وتوجيهها نحو نماذج أكثر كفاءة وابتكاراً. ولم تعد المعاملات التجارية تعتمد على الطرق التقليدية بل أصبحت التكنولوجيا الرقمية والإنترنت ركيزة أساسية لتنفيذ العمليات الشرائية والمالية والتعليمية والخدمية بمختلف أنواعها. الاقتصاد الإلكتروني لا يقتصر فقط على التجارة عبر المنصات العالمية مثل امازون وايباي بل يمتد ليشمل البنوك الرقمية و العملات المشفرة مثل البيتكوين والخدمات الرقمية التي تشمل التعليم عن بُعد والعمل من المنزل مما يعيد تعريف مفهوم الإنتاجية وحدود الزمان والمكان.
هذا التحول لم يكن غائباً عن أنظار السعودية التي تبنت هذا الاتجاه ضمن توجهات رؤية 2030 الرامية إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتقليل اعتماده على النفط كمصدر رئيس للدخل. فقد وضعت المملكة التحول الرقمي في قلب استراتيجيتها التنموية وأطلقت العديد من المنصات المحلية الداعمة للاقتصاد الإلكتروني مثل نون وزد وسلة ووكومرس مما أتاح فرصاً واسعة لرواد الأعمال خصوصاً في مواسم الاستهلاك العالية كرمضان وموسم الرياض والحج والعمرة. هذه المناسبات تحولت إلى فرص اقتصادية رقمية تستقطب الإنفاق وتدعم الناتج المحلي غير النفطي إذ تساهم التجارة الإلكترونية وحدها بأكثر من 6% من هذا الناتج مع ملاحظة الزيادة الموسمية التي تواكب ارتفاع الطلب الاستهلاكي.
ليس هذا فحسب بل أصبح الاقتصاد الإلكتروني مساراً حيوياً لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي غالباً ما تواجه تحديات في الموارد والمساحات التسويقية. هذه الشركات استطاعت من خلال المنصات الرقمية أن تجد موطئ قدم في السوق وتصل إلى جمهور أوسع دون أعباء التكاليف التقليدية. كما يشكّل هذا الاقتصاد بيئة ممكنة للمرأة السعودية التي أثبتت حضورها اللافت في ريادة الأعمال الرقمية. أسماء مثل نجود المليك وديمة اليحيى وإيمان عبد الشكور وأماني الشاوي لم تعد مجرد رموز فردية بل باتت تمثل تحولاً ثقافياً واقتصادياً يعكس ديناميكية المجتمع السعودي وقدرته على استيعاب التغيير والاستفادة منه.
من خلال هذا التوجه تؤكد المملكة أن الاقتصاد الحديث لا يُبنى فقط على الثروات الطبيعية بل على القدرات البشرية والتقنيات المتقدمة والفرص الرقمية التي تعيد تشكيل مفهوم السوق والعمل والإنتاج. فالاقتصاد الإلكتروني ليس مجرد وسيلة للتعامل السريع بل هو منصة شاملة لإعادة صياغة النشاط الاقتصادي الوطني بشكل أذكى وأشمل. ومن هنا فإن دعم هذا القطاع ليس خياراً بل ضرورة استراتيجية تفرضها متطلبات التنمية المستدامة والتحول نحو اقتصاد رقمي متكامل يكون فيه الإنسان السعودي هو المحور والتقنية هي الوسيلة والنمو هو الغاية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال