الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في الطريق إلى عملك أو أثناء ممارسة الرياضة أو حتى وأنت تنتظر في صالة المطار أو مسافر بين مدن المملكة الممتدة بجمالها وتنوعها والعامرة بتاريخها وتراثها أو عالق في زحمة الرياض هناك شيء يرافقك دون أن يشغلك عن النظر أو يعطلك عن الحركة إنه الصوت أصبح وسيلة للمعرفة وسيلة للشراء بل وأحيانًا وسيلة للقرار من الاستماع إلى قصص مؤثرة في البودكاست إلى توجيه الأوامر عبر المساعدات الصوتية وإلى استقبال الإعلانات المخصصة بأصوات قريبة كل ذلك يشير إلى أن هناك اقتصادا جديدا ينمو بهدوء اسمه الاقتصاد الصوتي
العالم يشهد تسارعا مذهلا في هذا القطاع لم يعد الصوت أداة ترفيه فقط بل قناة تسويق وسوق خدمات ومساحة إبداعية الشركات الكبرى بدأت تراهن عليه بقوة وتطور تقنيات تستجيب للصوت أسرع مما تستجيب للمسة تشير تقارير عالمية إلى أن حجم سوق الإعلانات الصوتية سيتجاوز 30 مليار دولار بحلول عام 2028 ما يكشف حجم التحول القادم من بوابة الأذن لا العين
وفي قلب هذا التحول نبدأ نلاحظ أن تجربة المستهلك لم تعد ترتبط بالعين فقط بل باتت أذنه تستقبل المعلومات وتبني الثقة وتقرر الشراء أحيانا ما الذي يجمع بين بودكاست تسمعه أثناء الجري ومساعد ذكي يطلب القهوة بدلا منك إنها أصوات تصنع سوقا لا نراه لكنه يسمعنا جيدا
في السعودية بدأت ملامح هذا التغيير تظهر جمهور ضخم يتفاعل مع البودكاست وشباب يبدعون محتوى صوتيا عالي الجودة وبعض تلك المبادرات نال استماعا واسعا وتحول إلى علامات مؤثرة ومع أن السوق يثبت جاهزيته إلا أن الاستثمار المؤسسي لا يزال في بداياته ما يخلق فرصة ذهبية لمن يسبق بخطوة في استطلاع حديث أشار 60% من المشاركين إلى أنهم يفضلون تلقي المعلومات صوتيا أثناء القيادة أو العمل أو أداء المهام اليومية وهذا يعني أن أسلوب التلقي تغير والسوق بدوره يجب أن يتغير
وبحسب مؤشرات محلية يشهد سوق المحتوى الصوتي في المملكة نموا سنويا متصاعدا يعكس تحولا فعليا في السلوك الاستهلاكي نحو الصوت لا سيما بين فئة الشباب والمهنيين
الفرصة لا تقف عند الترفيه بل تتوسع إلى التعليم والسياحة والصحة والتسوق والخدمات العامة تخيل تطبيقا سعوديا يتيح طلب الخدمات البلدية عبر أوامر صوتية أو منصة سياحية تقدم جولات معرفية عبر سماعة الأذن أو بنكا ينفذ معاملاتك حين تقول له حول الراتب هذه ليست خيالا تقنيا بل واقع يقترب بسرعة
بل تخيل أن مهرجانات المواسم تعلن تفاصيلها اليومية عبر بودكاست رسمي أو أن منصة ترفيهية تعتمد على مساعد صوتي يقترح لك الفعاليات حسب مزاجك هكذا يصبح الصوت ليس أداة دعم بل تجربة بحد ذاتها
ومع تسارع التحول الرقمي في المملكة ضمن رؤية السعودية 2030 يصبح الاقتصاد الصوتي أحد الروافد الطبيعية لبناء اقتصاد معرفي وإعلامي حديث الرؤية وضعت هدفا واضحا لبناء قطاع إعلامي تنافسي وتطوير المحتوى المحلي ودعم الاقتصاد الإبداعي وبما أن الرؤية تسعى أيضا إلى تعزيز الحضور السعودي في الإعلام العالمي فإن توظيف الصوت يعد من أنعم وأذكى أدوات التأثير الثقافي وأكثرها قربا للمتلقي
الصوت بصيغته الحديثة يجمع كل ذلك في وعاء واحد إنه يعزز الهوية الوطنية ويعبر عن الثقافة السعودية بطريقة تصل للعالم دون الحاجة لصورة
المنصات التقنية موجودة والمواهب حاضرة والطلب الجماهيري يتنامى ما نحتاجه هو قفزة في الاستثمار والتبني من الجهات الإعلامية والشركات الإعلانية والقطاعات الخدمية لا لنصنع ضجيجا بل لننشئ صناعة مستدامة تخاطب الأذن بفكر سعودي وإبداع سعودي
ختام القول..
الصوت اليوم لم يعد مجرد وسيلة إيصال بل أصبح جزءا من هوية المستخدم وتجربته ومن يفهم كيف يوصل رسالته عبر الأذن يملك مفاتيح التأثير والانتشار ومع ما تبنيه رؤية السعودية 2030 من بنية تحتية ذكية واقتصاد متنوع ومحتوى محلي قوي فإن الاقتصاد الصوتي قد يكون أحد الكنوز غير المستكشفة بعد لا بد أن نبدأ من الآن لا بصوت مرتفع بل بخطوات واثقة فالمستقبل يصغى إليه لا ينتظر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال