الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها العالم بات التعليم الرقمي أحد الركائز الأساسية في بناء رأس المال البشري خصوصاً في السعودية التي تسعى بجدية إلى تحقيق مستهدفات رؤية 2030 عبر اقتصاد معرفي مستدام يقوده الإنسان. ويُعد التعليم الرقمي بمثابة أداة استراتيجية لإعادة صياغة العملية التعليمية بأساليب تفاعلية تدمج بين المعرفة والتقنية وتُسهم في تمكين الأفراد من اكتساب المهارات اللازمة لسوق العمل المعاصر. فالتعليم لم يعد محصوراً في فصول دراسية تقليدية بل بات تجربة معرفية مفتوحة عبر منصات إلكترونية ذكية وفصول افتراضية ومصادر تفاعلية تقود المتعلم نحو التعلم الذاتي والتفكير النقدي والتحليل المنطقي.
لقد أدركت المملكة مبكراً أهمية هذا التحول فعملت وزارة التعليم على تطوير منظومة تعليمية رقمية متكاملة تتجاوز دور التلقين إلى صناعة جيل رقمي متعلم ومبدع ومنتج. تم إطلاق مبادرات نوعية مثل مدرستي وروضتي والمنصة المركزية للاختبارات فضلاً عن تعزيز البنية التحتية الرقمية في المدارس وتوفير محتوى تعليمي تفاعلي ومكتبات رقمية مثل المكتبة الرقمية السعودية وكذلك قنوات تعليمية. وتأتي هذه الجهود ضمن استثمار أعمق في رأس المال البشري كونه الوقود الحقيقي لتحولات الاقتصاد الوطني نحو التنويع والابتكار.
طبعاً ارتباط التعليم الرقمي بالاقتصاد السعودي يكون من خلال دوره المحوري في بناء قدرات الأفراد وتطوير كفاءاتهم بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل الجديد القائم على المعرفة والتكنولوجيا. فالمملكة لم تعد ترى التعليم كمجرد خدمة اجتماعية بل كأداة اقتصادية فعالة ترفع من جودة القوى العاملة وتزيد من إنتاجيتهم وتؤهلهم للمنافسة في سوق عالمي سريع التغير. ومن خلال توظيف الذكاء الاصطناعي والتعلم التكيفي والتحليلات التعليمية يصبح التعليم الرقمي وسيلة لتعزيز الفعالية والكفاءة وتوجيه المسارات التعليمية بناءً على ميول وقدرات الطلاب.
وفي هذا الإطار أشار معالي وزير التعليم الأستاذ يوسف بن عبد الله البنيان خلال مشاركته في منتدى مسك العالمي 2024 إلى أن التعليم هو المحرك الأساس لتحقيق التنمية المستدامة وأحد أعمدة رؤية السعودية 2030. فانتقاله من قطاع صناعي كـسابك إلى قطاع التعليم يؤكد أن بناء العقول لا يقل أهمية عن بناء المصانع بل قد يكون هو المحرك الحقيقي لأي نهضة اقتصادية شاملة.
إن استثمار السعودية في التعليم الرقمي لا يُعد رفاهية بل خياراً استراتيجياً يُسهم في تحقيق تحول اجتماعي واقتصادي شامل. فكل ريال يُنفق في تطوير البنية التعليمية الرقمية هو استثمار مباشر في الإنسان السعودي وفي رفع مستوى التنافسية الوطنية وتوفير فرص عمل قائمة على الابتكار والمعرفة. ولهذا فإن مواصلة الاستثمار في هذا القطاع الواعد وتطوير مهارات الأجيال القادمة في المجالات الرقمية هو التزام وطني نحو مستقبل مزدهر تقوده العقول لا الموارد.
أخيراً التعليم الرقمي ليس مجرد أداة تعليمية بل هو بنية تحتية فكرية واقتصادية تؤسس لجيل رقمي قادر على الابتكار والتأثير وتحقيق أهداف الدولة في بناء رأس مال بشري يتماشى مع تطلعات السعودية الحديثة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال