الزراعة العمودية في السعودية: تعزيز للمحتوى المحلي بنقل تقنيات مبتكرة لتحقيق الأمن الغذائي بأيادي سعودية‎

في ظل التحديات البيئية وتغير المناخ العالمي تتجه السعودية نحو تبني حلول زراعية مبتكرة لتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الاستدامة الاقتصادية ومن أبرز هذه الحلول الزراعة العمودية. تُعد الزراعة العمودية تقنية حديثة تعتمد على زراعة المحاصيل في بيئة داخلية محكومة حيث يتم التحكم في درجة الحرارة والرطوبة والإضاءة باستخدام تقنيات متقدمة. هذه الطريقة لا تسهم فقط في تقليل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالزراعة التقليدية بل تتيح أيضا إنتاج المحاصيل على مدار العام دون الاعتماد على المواسم.

وضمن رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الأمن الغذائي خصصت المملكة ميزانية بقيمة 27 مليون دولار لدعم مشاريع الزراعة العمودية ومن أبرز هذه المشاريع مشروع الرياض الذي يعد أكبر مزرعة عمودية داخلية مؤتمتة في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط. المشروع هو ثمرة تعاون بين شركة مورق السعودية وشركة يس هيلث للتكنولوجيا الحيوية الزراعية من تايوان ويهدف إلى إنتاج محاصيل عالية الجودة بطريقة مستدامة.

يقع المشروع في المنطقة الصناعية الثانية بالرياض ويمتد على مساحة مبنية تبلغ 4,500 متر مربع بارتفاع يصل إلى 15 مترا مع مساحة زراعية إجمالية تصل إلى 20,000 متر مربع موزعة على 19 طبقة. يحقق المشروع إنتاجية تصل إلى 2,200 كيلوجرام من الخضروات الورقية يومياً مما يسهم في تقليل الاعتماد على الواردات الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

لكن على الرغم من هذه الفوائد الكبيرة تواجه الزراعة العمودية تحديات يجب معالجتها أبرزها ارتفاع تكاليف الطاقة نتيجة الاعتماد على الإضاءة الاصطناعية ونقص العمالة الماهرة المدربة على استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة. ولهذا تعمل المملكة على تنفيذ برامج تدريبية لدعم الشباب السعودي وتزويدهم بالمهارات اللازمة لإدارة وتشغيل هذه المزارع الذكية.

إن الاستثمار في الزراعة العمودية لا يقتصر على تحقيق الأمن الغذائي فحسب بل يعزز من مكانة المملكة كمركز إقليمي للتكنولوجيا الزراعية الحديثة ويدعم جهودها لتحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية في آن واحد. ومع تطور هذه التقنية وانتشارها يمكن للسعودية أن تصبح نموذجاً عالمياً في كيفية دمج التكنولوجيا والابتكار لتحقيق التنمية المستدامة.