الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تتجاوز العلامات التجارية الفاخرة مثل Louis Vuitton وHermès وGucci حدود المنتج الملموس؛ فهي لا تبيع حقيبة جلدية أو قطعة أزياء فاخرة فحسب، بل تسوّق تجربة راقية متكاملة. هذه الأسماء اللامعة ارتبطت بصورة ذهنية راسخة وأصبحت مرادفًا للحصرية، الإتقان، الأصالة والجودة الأوروبية العريقة. إنها رواية فخمة تُروى بخيوط من التميز الثقافي والهوية التاريخية، حيث لا يشتري العميل منتجاً فحسب، بل ينغمس في عالم من الرفاهية والتفرد يصعب تقليده.
لكن هذه الصورة الأنيقة بدأت تتعرض لهزة عنيفة، بعد أن كُشف أن عددًا من منتجات هذه العلامات يتم تصنيعها في مصانع داخل الصين، بعيدًا عن مواطن الأناقة الفرنسية والإيطالية التي لطالما ارتبطت بها. الأمر لم يتوقف عند مجرد مكان التصنيع، بل امتد ليشمل الأسعار الحقيقية لهذه المنتجات. إذ أظهرت إحدى لقطات الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي أن حقيبة Birkin التي تُباع بنحو 39000 دولار، لا تتجاوز تكلفتها الفعلية 1400 دولار فقط. مشاهد كهذه ساهمت في كشف المستور، بعد تصاعد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، حيث تحولت الحرب الاقتصادية إلى ساحة فضائح علنية لم تسلم منها حتى أرقى العلامات التجارية العالمية.
هذا الانكشاف، الذي لم يُعلن عنه بشفافية من قبل الشركات نفسها، أثار صدمة واسعة بين العملاء، خاصة أولئك الذين كانوا يعتقدون أن كل قطعة فاخرة تُصنع بأيادٍ أوروبية خبيرة. وعلى الرغم من أن جودة التصنيع في الصين قد تكون ممتازة في بعض الحالات، إلا أن جوهر المشكلة لا يتعلق بالجودة فقط، بل بالثقة وصورة المنتج في ذهن العميل. فالعميل لا يشتري فقط التصميم أو الخامة، بل يشتري قصة وهوية وشعورًا بالتفوق، وتجربة محاطة بالرمزية والجمال والحصرية.
السمعة، خصوصًا في عالم الفخامة، لا تُبنى في يوم ولا تُشترى بالمال. إنها نتاج عقود من الإتقان، والتسويق، والتراكم الرمزي. لكنها، في المقابل، يمكن أن تنهار في لحظة بسبب تقرير صحفي، أو تسريب من داخل أحد المصانع، أو حتى تغريدة واحدة. إن تصنيع منتجات فاخرة في بيئة صناعية كالمصانع الصينية، دون توضيح شفاف، يُعد انتهاكًا غير معلن للعقد النفسي بين العلامة التجارية والعميل. وما إن تتسرب الحقيقة، حتى تهتز الثقة وتفقد العلامة التجارية جزءًا كبيرًا من جاذبيتها.
والجدير بالذكر أن المستهلك الذي قد يقبل بوجود “صُنع في الصين” على منتج من علامة تجارية متوسطة، قد يرفض الأمر تمامًا عندما يتعلق الأمر بعلامة يفترض أنها فرنسية النكهة، إيطالية الروح، أوروبية الجذور. فبالنسبة له، الفخامة مشروطة بمكان التصنيع بقدر ما هي مشروطة بالخامة والتصميم. لقد أثبتت هذه الحالات أن مخاطر السمعة من أخطر أنواع المخاطر الاستراتيجية. فهي لا تضرب فقط على المدى القصير، بل تُضعف ولاء العملاء، وتُهزّ مكانة العلامة التجارية، وتنعكس لاحقًا على الأرباح والوجود السوقي. إن السمعة أشبه بالكريستال: براقة وجميلة، لكنها قابلة للكسر بسهولة، وأحيانًا لا يمكن إصلاحها بعد التصدع.
ختامًا ، في ظل كل هذه الحقائق، يبقى السؤال مفتوحًا أمامكم الآن:
هل ما زلتم تشعرون بنفس الهوس والشغف تجاه هذه الأسماء اللامعة بعد أن عرفتم الحقيقة؟ أم أن سحر الفخامة بدأ يتلاشى حين سقط القناع عن هذه الشركات؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال