الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ومن منظور الاقتصاد السلوكي، تتأثر العديد من قرارات التمكين داخل المنظمات بأنماط إدراكية قد لا تكون ظاهرة، مثل الميل للاعتياد، أو الارتياح للأنماط المألوفة، أو اتخاذ القرار بدافع الحدّ من المخاطر الاجتماعية. وهذه الأنماط – وإن كانت بشرية الطابع – إلا أنها قد تؤدي إلى غياب فرص استراتيجية كان يمكن أن تُحدث فارقًا في مسار الأداء المؤسسي.
هذه الأنماط الإدراكية، رغم كونها طبيعية في سلوك البشر، قد تشوّه عملية اتخاذ القرار وتؤدي إلى تغييب الكفاءات الحقيقية التي يمكنها أن تُحدث فرقًا كبيرًا في الأداء المؤسسي والوطني على حد سواء. إن الفهم العميق لهذه الديناميكيات هو الذي يفتح الباب لتحسين عملية التمكين وتحديد مسارات تطور أكثر فعالية.
التحولات المتسارعة التي تعيشها المؤسسات – سواء في القطاع العام أو الخاص – تتطلب أن تعيد كل جهة التفكير في أدواتها الإدارية ومفاهيم التمكين بداخلها. فالكفاءة، في جوهرها، ليست فقط الالتزام بالأدوار أو التفاعل مع المهام، بل هي القدرة على إحداث فرق نوعي في النتائج النهائية للمنظمة، على مستوى الجودة، والاستدامة، والتفكير الاستباقي.
الفرصة الضائعة هنا لا تُقاس فقط بما لم يتحقق من تمكين، بل بما لم يُمنح فرصة للظهور من حيث الأفكار أو الأشخاص أو المسارات. وحين تُقاس الكفاءة بأدوات لا تلتقط طبيعة الأثر الحقيقي، فإن المعايير نفسها تصبح بحاجة إلى إعادة نظر وتطوير.
المنظمات التي تطمح إلى النمو المستدام تحتاج إلى بنية قرارات تستند إلى معطيات نوعية، وقدرة على قراءة الأثر في سياق الزمن، لا في لحظات الإنجاز المجزأ. وعندما يصبح السؤال: “من أضاف قيمة؟” أكثر حضورًا من سؤال: “من قام بالدور؟”، تبدأ الفرص في التحول من الضياع إلى الاستثمار.
لأن بيئة القرار ليست معزولة عن السياق الوطني، فإن تحويل الكفاءة إلى طاقة مؤثرة يتطلب تعزيز أدوات التقييم وربطها بغايات استراتيجية أوسع، تعكس ما يحتاجه المستقبل لا فقط ما تستحسنه اللحظة.
في المحصلة، لا يكفي أن نبحث عن الكفاءات، بل لا بد أن نمتلك الشجاعة التنظيمية لإعادة تعريفها باستمرار، وربطها بالأثر الذي يُسهم في تشكيل مستقبل أكثر كفاءة وعدالة ووضوحًا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال