الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظل السعي الدؤوب لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 تشهد مملكتنا الحبيبة عملية كبيرة ومعقدة تُعرف بالتحول الرقمي، وتسعى هذه العملية بشكل أساسي إلى توفير جميع الخدمات الحكومية رقميًا، وإتاحة الوصول إليها بكل يسر وسهولة على نحو يواكب العصر الرقمي الذي دخلته البشرية منذ سنوات وتعيشه حاليًّا بكل قوة.
وفي الواقع فإن عملية التحول الرقمي في المملكة تجري على قدمٍ وساق في جميع قطاعات العمل والإنتاج، مدعومة بالمهارات والقدرات والأدوات الرقمية المتطورة باستمرار، ومن أبرز الإنجازات الملموسة للجميع التي تحققت على هذا الصعيد أتمتة جميع الخدمات الحكومية بشكل شبه كامل حاليًّا، وتحسين تقديم هذه الخدمات للمواطنين والمقيمين عبر البوابة الحكومية الإلكترونية باستخدام عدد من التطبيقات الإلكترونية الآمنة، وقد قامت الجهات الرسمية المشرفة على هذا المشروع الوطني بتسهيل الإجراءات الإلكترونية، وتيسير وتبسيط تنفيذ العمليات الإدارية والمعاملات الحكومية؛ لتوفير خدمات تتميز بالسرعة والكفاءة والموثوقية المرتبطة بها.
ومن أبرز الأمثلة على تسارع خطوات عملية التحوُّل الرقمي الواسعة التي تشهدها المملكة دفع الشركات الإلكترونية إلى إيجاد وتوفير حلول رقمية سهلة التنفيذ، وتطوير عدد كبير من التطبيقات لتساهم في عملية التحول الرقمي، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر منصات التجارة الإلكترونية، وتوفيرها للعامة عبر تطبيقات الجوَّال المتنوعة، ونتيجة لتسارع عملية التحول الرقمي في المملكة قام الكثير من الشركات بالاعتماد على الحوسبة السحابية، واستخدام المستشعرات الذكية لخفض تكلفة التشغيل، وإتاحة هذه الخدمات لقاعدة كبيرة من المستخدمين.
ومما لا شك فيه فإن مراكز البيانات تعد من أهم الأسس الراسخة والركائز الحيوية التي تدعم عملية التحول الرقمي التي تشهدها المملكة العربية السعودية، لاسيما مع تزايد الحاجة إلى بُنَى تحتية رقمية متقدمة قادرة على دعم النمو السريع في البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والتقنيات الناشئة؛ لذلك فإن تعزيز عمل مراكز البيانات يُعد – في وجهة نظري – خطوة استراتيجية بالغة الأهمية نحو تمكين الاقتصاد الرقمي وتحقيق التنمية المستدامة في المملكة.
وقد لا يدرك الكثيرون أهمية مراكز البيانات في تطوير ودفع عجلة الاقتصاد الرقمي!! لكن في الواقع فإن مراكز البيانات توفر بيئة آمنة وموثوقة لمعالجة وتخزين البيانات الضخمة، مما يعزز من قدرة المؤسسات الحكومية والخاصة على اتخاذ قرارات مبنية على بيانات دقيقة، كما تدعم هذه المراكز الابتكار في تقديم الخدمات الإلكترونية، وتحفّز الاستثمار في التقنيات المتقدمة، وتُسهم في بناء منظومة رقمية متكاملة تدعم الأمن السيبراني وتُسرِّع من تقديم حزم الخدمات الذكية.
وبدعم من الحكومة، وبتعاون مثمر وفعَّال مع القطاع الخاص شهدت المملكة خلال السنوات الأخيرة توسعًا ملحوظًا في إنشاء مراكز بيانات متطورة، وهو ما يعكس في الحقيقة مدى التزام المملكة بتعزيز قدراتها الرقمية وحرصها على توطين التقنية والمعرفة الرقمية الحديثة في مختلف المجالات، وفي هذا السياق، تلعب الجمعيات المهنية المتخصصة للإحصائيين وعلماء البيانات دورًا محوريًا في دعم وتعزيز الاستفادة من مراكز البيانات من خلال محاور عديدة من أبرزها العمل على تأهيل الكفاءات الوطنية المؤهلة في هذا المجال، إذ تسعى هذه الجمعيات إلى رفع كفاءة الإحصائيين وعلماء البيانات من خلال مناهج تدريبية مكثفة، وبرامج التطوير المهني، وورش العمل المتخصصة التي تمكّنهم من تحليل ومعالجة البيانات الضخمة المستخرجة من مراكز البيانات.
كما تعمل الجمعيات على تعزيز ثقافة القرار المبني على البيانات، وتروِّج لأهمية النمذجة العلمية، وضرورة اتخاذ القرار بالاعتماد على التحليل الإحصائي، وهو ما يجعل من مراكز البيانات مصدرًا أساسيًا لتوفير البيانات الدقيقة والموثوقة، وتقوم كذلك بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة عبر بناء شرَاكات قوية وفاعلة مع الجهات الحكومية والخاصة، لاسيما الجهات التي تدير أو تستفيد من مراكز البيانات، وذلك لتحديد الاحتياجات وتوجيه الأبحاث والدراسات لتخدم الأولويات الوطنية، وتساهم الجمعيات بخبرتها العلمية في تطوير السياسات والمعايير التي تضمن الاستخدام الأمثل للبيانات، بما يحفظ الخصوصية ويعزز الشفافية.
وفي الختام يمكنني التأكيد بكل ثقة على أن دمج جهود مراكز البيانات مع الخبرات المتخصصة التي توفرها الجمعيات المهنية المتخصصة للإحصائيين وعلماء البيانات، سوف يعزز بفضل الله من قدرة المملكة على الاستفادة المثلى من كنز البيانات السعودية المتنامي، ويدعم بناء اقتصاد معرفي تنافسي ومستدام، وأجزم أنه من خلال التكامل الفعَّال بين البنية التحتية الرقمية والمهارات التحليلية المتقدمة، فإن مملكتنا الغالية تسير بخطى واثقة نحو مستقبل رقمي رائد على المستوى الإقليمي والعالمي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال