الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ليل الأربعاء الماضي لعب فريقا الاتحاد والنصر مباراة مهمة يسميها اهل الكرة ” كلاسيكو ” وهي كلمة يبدو ان اصلها اسباني وتعني باختصار مباراة بين قطبين كبيرين في هذه اللعبة ويقابلها في المعنى كلمة ” ديربي” وكلاهما غير عربيتان لكنهما اصبحتا ضمن ما يمكنني تسميته المشترك العالمي في الاتصال، أي الكلمات التي تقال في معظم بقاع الأرض ولا يحاول أحد إيجاد المقابل لها في لغته الأم.
خلال تلك المباراة الكبيرة والشيقة كان جمهور نادي الهلال ينقسم الى قسمين، قسم يرى مصلحته في فوز النصر رغم انه غريمهم التقليدي لأن هذا سيزيد من احتمالات حصولهم على الدوري الأقوى في الشرق الأوسط والعالم العربي أي أنهم غلبوا العقل على العاطفة، والقسم الثاني لم يستطع التغلب على عاطفته وظل على نهج تمني خسارة النصر لتحقيق رضا شخصي يشعر به كلما تعثر منافسه التاريخي.
في حياتنا كثير من الأشياء او المواقف التي تضعنا أمام هذه الخيارات، خيارات الصراع بين العقل والعاطفة، او بين المصلحة العامة وبين مصلحة خاصة قد تتقاطع معها، ويكون الاختيار – اذا كان متاحا – خبرة جديدة تتراكم مع الزمن ينجح البعض في تسخيرها لتحسين قراراتهم في المستقبل.
خطرت لي هذه الهواجس او الأفكار وأنا أتأمل في كثير من ردود الفعل او النقاشات التي تحدث او تقال مع كل قرار اقتصادي او تنموي في أكثر من مجال، هناك من يحكم بعقله ويقرأ الآثار على مدى ابعد واعمق، ويحاول تكييف نفسه او طريقة عمله مع الاتجاه الجديد لتحقيق الفائدة منه، وهناك من تغلبه عاطفته ويظل يقاوم او حتى يتحايل للاستمرار على نهج يعتقد انه صحيح او على الأقل يرى فيه اثرا حاليا لا يستطيع الاستغناء عنه والعمل على تحقيق مكاسب مستقبلية.
الأمثلة كثيرة ولعل اقربها زمانيا الى اذهاننا القرارات العقارية الأخيرة والمهمة جدا التي أصدرتها الحكومة لتحقيق توازن السوق أولا، وتحقيق احد الأهداف التنموية الهامة للمواطن وهو الحصول على المسكن بسعر عادل له وللعقاري او المطور الذي يبيعه.
العقاريون العقلانيون وهم غالبا من العريقين في المهنة يفرحون باي تطور يقلل من المضاربة ويزيد من التداول وحركة السوق والأهم يزيد من شريحة المتعاملين ويحرك مجالات اقتصادية واجتماعية أخرى لهم فيها مصلحة مباشرة او غير مباشرة، وهم بالمناسبة قد يخسرون قليلا في المدى المنظور لكنهم واثقون من تعويض ذلك على المدى الابعد.
عقاريون آخرون لا ينظرون الا تحت اقدامهم، معظمهم جديد او طارئ على القطاع، ضارب او اكتنز دون ان يكون لديه فكر عقاري يرتبط بتأثير العقار على التنمية او حتى يذهب بعيدا الى مفاهيم عمارة الأرض كما يجب ان تكون وكما أرادها صاحب القرار.
الفئة الأولى تحركوا نحو إعادة هيكلة أراضيهم البيضاء، أو تطويرها لتحقيق هدف زيادة المعروض، والفئة الثانية تتبادل الأفكار حول كيفية تحاشي الضرائب القادمة او تقليل اثرها، الأولى تواصلت مع المقاولين والمسوقين، والثانية تتواصل في وسائل التواصل الاجتماعي بأفكار مضحكة.
في المعجم الوسيط تعريف عمارة الأرض لغة: عُمر المنزل بأهله كان مسكونا بهم، فهو عامر، وعمَّر الأرض: بنى عليها وأهلها، واستعمره جعله يعمره، والعمارة نقيض الخراب، واصطلاحا اتفق الجميع على انه نسبة إلى التعمير والعمران، بمعنى استمرارية الوظيفة الإنسانية العامة للإنسان، واكتناز الأراضي لا يحقق أيا من ذلك.
وعودا على بدء – اذا كنت موفقا في المقاربة والتشبيه – اسأل بعض العقاريين : مع أي الهلاليين انت ؟.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال