الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظل التحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، أصبح مفهوم “التنمية المستدامة” ركيزة أساسية في سياسات الدول والشركات العالمية. وقد تبنّى المجتمع الدولي هذا المفهوم رسميًا خلال “قمة الأرض” في ريو دي جانيرو عام 1992، ليُعرف بأنه: تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم. وتلي هذا التوجه إطلاق قمة الأمم المتحدة اهداف الالفية الجديدة عام 2005 وتضمنت ضمن أهدافها سد نصف العجز العالمي في الاحتياجات السكانية للمياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي عام 2015. ثم تُوِّجت هذه المبادرات بإطلاق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة عام 2015، وحددت الفترة حتى عام 2030 لتحقيقها. وهي تشمل 17 هدفًا عالميًا، من أبرزها الهدف السادس المتعلق بالمياه وخدمات الصرف الصحي وينص هذا الهدف على:
“ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها إدارة مستدامة.”
وقد شمل هذا الهدف بجملة من الأدوات التنفيذية، مثل زيادة كفاءة استخدام المياه في جميع القطاعات، وضمان استدامة السحب من الموارد المائية العذبة، وكذلك تقليل عدد السكان المتأثرين بندرة المياه بحلول عام 2030.
وفي ظل ما سبق وبسبب التغيرات المناخية والنمو السكاني تعمل المملكة العربية السعودية ممثلة بوزارة المياه والبيئة والزراعة والتي تعتمد على التحلية كلاعب رئيس في امدادات المياه، بإيجاد أدوات اقتصادية متقدمة تُمكّن من اتخاذ قرارات أكثر كفاءة وعدالة. وقد يكون إحدى هذه الأدوات هي تسعيرة الظل للمياه، والتي تُمثل القيمة الاقتصادية الحقيقية للموارد المائية. حيث كان من الصعوبة بمكان تحديد هذه القيمة في السابق، ولكن في المرحلة الحالية يمكن تعزيز دقة هذا التقدير باستخدام ادوات الذكاء الاصطناعي.
المفهوم الاقتصادي لتسعيرة الظل لوحدة المياه
هي السعر التقديري الذي يُستخدم لتحديد القيمة الاقتصادية الحقيقية للمياه، بما في ذلك تكاليف الاستخراج والمعالجة والتوزيع، فضلًا عن التكاليف البيئية والاجتماعية غير المرئية في السوق التقليدي. وتُعد تسعيرة الظل مؤشرًا إرشاديًا لتقييم جدوى المشاريع واتخاذ القرارات الاستثمارية بشكل مرشد وتوجيه الدعم نحو الاستثمارات الأكثر كفاءة وضرورة للبلد.
مبررات وجود تسعيرة الظل
• التسعيرات الحالية قد لا تعكس التكلفة الحقيقية لاستخراج ومعالجة وتوزيع المياه.
• ضعف الحوافز الاقتصادية لترشيد الاستهلاك أو تحسين الكفاءة.
• الحاجة إلى نماذج متقدمة لتقدير “القيمة الاقتصادية الفعلية” للمياه في مختلف الاستخدامات.
فوائد استخدام تسعيرة الظل
• تقييم جدوى المشاريع
• اتخاذ القرارات الاستثمارية بشكل مرشد
• توجيه السياسات المائية والدعم نحو الاستخدام الأمثل والأكثر كفاءة وضرورة للدولة.
• تسخير الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المناخية والهيدرولوجية والزراعية لتقدير تسعيرة الظل بدقة.
• دعم سياسات التسعير الذكية والمتكاملة لتُحقق التوازن بين الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية.
أساليب التسعير في النظرية الاقتصادية
1- التسعير وفقا لسعر التعادل (السعر = التكلفة المتوسطة للوحدة) هذا النوع من التسعير غالبا لا يتيح وجود فائض للقيام بأعمال التجديد والاحلال او التوسع في البنية التحتية او الإنتاجية الا من خلال الدعم الحكومي.
2- التسعير وفقا للسعر الحدي (السعر = التكلفة الحدية للإنتاج) هذا النوع لا يأخذ في عين الاعتبار التكلفة الاجتماعية او الاثار الخارجية المترتبة عليها، ويعد مناسبا للتطبيق عند وجود توازن بين كمية الموارد المتاحة والطلب عليها.
3- التسعير وفقا للسعر المتعدد (السعر = سعر ثابت + سعر متغير حسب شريحة الاستهلاك) يتميز هذا النوع بقدرته على مواجهة التقلبات في الطلب، كما يتح منح دعم سعري لفئات معينة دون غيرها، ويمكن من خلاله تحقيق الهدف الإيرادي لتطوير دون اغفال الابعاد الاجتماعية الأخرى.
4- التسعير وفقا لتعظيم الأرباح (الايراد الحدي = التكلفة الحدية) لا يراعي خصوصية محدودي الدخل ويحتاج الى بيئة تنافسية كاملة.
دور وزارة البيئة والمياه والزراعة: تكامل الرؤية والتنفيذ
• تُدرك وزارة البيئة والمياه والزراعة أهمية الانتقال من الإدارة التقليدية للموارد إلى نموذج أكثر تكاملاً واستدامة، وقد تبنّت سياسات تسعير مرنة وتدريجية، تراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي، وتسعى إلى تحقيق التوازن بين الكفاءة والعدالة. وتشمل جهود الوزارة:
• تطوير منصات رقمية لرصد وتحليل استهلاك المياه وتكاليفها
• اعتماد نظم ري حديثة ترفع كفاءة استخدام المياه الزراعية كون الزراعة أكبر مستهلك للمياه.
• التوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة.
ونتطلع حاليا الى احتساب تسعيرة الظل لوحدة المياه بدقة من خلال نماذج الذكاء الاصطناعي التي تأخذ في الحسبان التكاليف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. إن دمج الذكاء الاصطناعي في حساب تسعيرة الظل يُمكّن صناع القرار من صياغة سياسات مائية قائمة على المعرفة والتنبؤ والاستجابة الذكية، بما يضمن استدامة الموارد وتحقيق أمن مائي طويل الأمد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال