الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ اللحظة الأولى التي يُبصر فيها المولود نور الحياة، يجد والده نفسه أمام منصة “أبشر”، حيث يتم تسجيله رسميًا وتوثيق وجوده في كرت العائلة، دون الحاجة إلى الوقوف في طوابير أو تقديم أوراق. وبلمسة زر، يصل كرت العائلة إلى منزل الأسرة، وكأن الدولة تقول لكل أب وأم: “طفلكم في رعايتنا، ومستقبله محفوظ.”
بهذه البساطة، تبدأ “أبشر” قصة كل مواطن سعودي مع الخدمات الحكومية، لكنها ليست مجرد قصة معاملات. هي قصة ثقة وشراكة بين المواطن والدولة، حيث تمتد الخيوط الرقمية من المهد إلى كل تفاصيل الحياة. فعندما يكبر الطفل، وتأتي لحظة إصدار بطاقة الهوية الوطنية، أو عندما يصبح شابًا يتقدم للحصول على رخصة قيادة، يجد كل شيء أمامه على منصة واحدة متكاملة.
وفي موسم الحج، تبرز هذه المنظومة بأبهى صورها، حيث يتمكن الحاج من تسجيل بياناته وإصدار التصاريح وإنهاء الإجراءات الرسمية إلكترونيًا، دون الحاجة إلى الوقوف في طوابير طويلة أو التعامل مع إجراءات معقدة. هنا يتحول النظام الرقمي إلى مساعد خفي، يخفف عن الجميع أعباء الإجراءات.
وفي قطاع المرور، لم يعد من الضروري زيارة الفروع أو الانتظار، إذ يمكن إنهاء جميع الخدمات، من تسجيل المركبات وتجديد الرخص وسداد المخالفات وحتى نقل ملكية المركبة، في دقائق معدودة عبر “أبشر”.
أما في المجال العدلي، فقد استفادت منصة “ناجز”، وغيرها من المنصات الحكومية، من موثوقية بيانات “أبشر” لتقديم خدمات عدلية متكاملة. تتيح هذه المنصات للمواطنين رفع الدعاوى، متابعة القضايا، حجز المواعيد، وكأنها نافذة مفتوحة أمامهم على مدار الساعة، مما يمنحهم شعوراً بالطمأنينة والانسيابية.
ورغم أن البعض قد يرى “أبشر” مجرد واجهة إلكترونية، إلا أن الحقيقة أعمق بكثير. فقد وفّرت هذه المنصة على الدولة أكثر من 17 مليار ريال سعودي من النفقات المباشرة وغير المباشرة، بما يشمل تقليل الورق والموظفين والتنقلات والهدر الزمني، وفقًا لتقرير رسمي أصدرته وزارة المالية ضمن الميزانية العامة للدولة لعام 2024.
والأهم من ذلك، أن “أبشر” ساهمت في تحفيز النمو الاقتصادي غير المباشر بنسبة تتراوح بين 0.2% و0.4% من الناتج المحلي غير النفطي، عبر تحسين الكفاءة الإدارية وضبط السلوك التنظيمي، وفتح آفاق استثمارية جديدة أمام القطاع الخاص، بما في ذلك المصارف، وشركات التأمين، والتوظيف. وقد انعكس هذا النمو على حجم الناتج المحلي الإجمالي، الذي بلغ بعد التحديث 4.5 تريليون ريال، مع مساهمة نسبية أعلى للاقتصاد غير النفطي بلغت 53.2%، بحسب تقرير الهيئة العامة للإحصاء.
وفي سياق النجاحات الرقمية، تصدرت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى عالميًا في مؤشر “نضج الحكومة الرقمية” الصادر عن البنك الدولي لعام 2023م، متقدمة على أكثر من 190 دولة. ويُعزى هذا الإنجاز إلى جهود المملكة المتكاملة في بناء بنية تحتية رقمية متقدمة ومنصات حكومية رائدة مثل “أبشر”، التي أصبحت نموذجًا عالميًا لكفاءة الخدمات الرقمية والسيادية. هذا الإنجاز يرسّخ حقيقة أن الرقمنة لم تعد خيارًا بل أصبحت ضرورة وطنية لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ولعل أجمل ما في هذه المنظومة أنها لم تأتِ مستوردة من الخارج، بل بُنيت بفكر سعودي أصيل وبنية تحتية سيادية. هذه الملكية الفكرية تجعل من “أبشر” ليس مجرد منصة وطنية، بل أصلاً رقميًا قابلاً للتصدير كنموذج ناجح للهندسة الرقمية والسيادية، مع إمكانية تطويره داخليًا دون الحاجة إلى تراخيص أو بنى مستوردة، مما يزيد من قيمة المنصة استراتيجيًا.
ورغم التحديات، بما في ذلك الهجمات السيبرانية ومحاولات الاختراق، أثبتت “أبشر” صلابة استثنائية بفضل قدراتها التقنية واستجابتها السريعة، مما يعكس جودة العمل والجهود المستمرة لحماية البيانات الوطنية وتعزيز الثقة بالمؤسسات الرقمية.
“أبشر” ليست مجرد منصة إلكترونية، بل هي نواة لرؤية وطنية تنسج بين التقنية والهوية السعودية خيوطًا من الثقة والاحترافية. ومع تجاوز عدد المستفيدين حاجز 30 مليونًا، لم تعد القصة قصة خدمات إلكترونية فقط، بل قصة مجتمع اختار أن يعيد صياغة يومياته بلغة الإنجاز والابتكار، ويتحدث إلى العالم بلغة مستقبله. هذه هي المملكة كما تراها “أبشر”: حيث يتحول السكون الرقمي إلى حراك وطني، ويغدو كل إجراء بسيط نافذة مشرعة على عالم متجدد يتنفس الإبداع والتميز.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال