الأمن البحري وتأمين ناقلات النفط مؤشر يؤثر على هامش الربح في الخليج‎

يشهد الخليج اضطراباً متزايداً في أسعار أقساط التأمين البحري والنفطي نتيجة التهديدات الجيوسياسية المتصاعدة حول مضيق هرمز وسواحل اليمن والجزر الإيرانية.

أظهرت تقارير جديدة أن أقساط التأمين ضد المخاطر الحربية لمنطقة الخليج ارتفعت حتى 400000 دولار لكل عبور سفينة نفط وفق إحصائيات DNK لعام 2025 مما يعكس ارتفاع المخاطر بشكل غير مسبوق.

وأيضاً Frontline  كشفت أن شركات الشحن رفضت العقود الجديدة لعبور الخليج مما يدل على ضعف الثقة في السلامة البحرية و يدفعها للبحث عن بدائل أو تأخير الرحلات.

إذاً هذا الارتفاع في أقساط التأمين يرفع تكلفة نقل الخام السعودي عالمياً مما يقلل من هامش ربح المصدر ويدفع شركات التكرير لدفع مزيد من التعويضات عن طريق العقود طويلة الأجل.

على أثرها بدأت بعض البنوك بمطالبة المصدرين بضمانات إضافية أو تحويل أقساط التأمين إلى حسابات تبادل أجنبي بما يزيد من تكاليف الإنتاج ويحد من تنافسية المنتج السعودي في السوق العالمية.

وبناء على أحدث تقارير الاتحاد الدولي للتأمين البحري (IUMI) لعام 2025 لا تزال أقساط التأمين البحري العالمية تُظهر ارتفاعاً ملحوظاً في ظل تزايد التوترات الجيوسياسية وارتفاع مخاطر الملاحة. حيث بلغت الأقساط الإجمالية نحو 38.9 مليار دولار وهي نفس مستويات 2023 التي كانت تمثل زيادة بنسبة 6.2% عن عام 2022.  وهذا الاستقرار النسبي في الحجم الإجمالي رافقه ارتفاع فعلي في أسعار التأمين لبعض المناطق الحساسة إذ سجلت أقساط عبور السفن عبر مضيق هرمز ارتفاعاً تجاوز 60% لترتفع تكلفة التأمين على سفينة بقيمة 100 مليون دولار من 125 ألف دولار إلى 200 ألف دولار نتيجة للمخاوف الأمنية في الخليج. كما أظهرت بيانات السوق زيادة بنحو 3.8%  في تكلفة تأمين الشحنات البحرية عالمياً حتى مارس 2025 مما يعكس تصاعد الضغوط التضخمية والمخاطر التشغيلية على سلاسل الإمداد البحري.
الجانب الآخر من التأثير هو ارتفاع معدلات الشحن حيث ارتفعت تكلفة شحن ناقلات النفط الكبيرة VLCC بنسبة 25% بعد أحداث جوية متعلقة باللائحة الحربية وارتفاع تكلفة التأمين.
كل هذه العوامل تؤثر مباشرة على الميزانية السعودية وتضع ضغطاً على الإيرادات المتوقعة ضمن خطة تنويع الدخل الحكومي مما يُضيّق هامش المناورة في المشاريع الإنمائية.
وعلى المستوى القطاعي فإن شركات الشحن السعودية تتكبد خسائر تشغيلية فادحة بسبب ارتفاع التكاليف المالية مما يهدد استقرارها ويجبرها على رفع الأسعار أو التخلي عن بعض الخطوط.
في ظل هذه المتغيرات فإن المملكة بحاجة إلى تعزيز التأمين البحري الذاتي عبر صناديق استثمارية سعودية وتأمين المخاطر الاستراتيجية على رأس المال الوطني.
كما أن تطوير موانئ البحر الأحمر والاعتماد على طرق برية بديلة يصبح أكثر جاذبية كخيار لتقليل التعرض المالي للمخاطر البحرية.
لا ننسى أن دخول إعادة التفاوض بشأن التأمين مع الوسطاء والضغط من خلال تحالفات خليجية يمكن أن يحدد سقفاً لأقساط التأمين ويؤمن استقراراً نسبياً للمشاريع النفطية.
من المنظور المستقبلي فإن الاستثمار في الأمن البحري والتوافق على مشاركات تأمين جماعية سيشكل استثماراً اقتصادياً بعيد الأمد ويخفض تقلب كلفة عبور النفط.
أخيراً يدفع هذا الارتفاع المفاجئ في أقساط التأمين السعودية إلى إعادة حسابات مشاريعها الاستراتيجية وتبني أدوات مالية مبتكرة كالتحوّط البحري وتحويل التأمين الجماعي إلى حكومي تجاري مستقل مما يعزز من مرونة الاقتصاد والمناعة المالية ضد المخاطر العالمية.