الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إن معرفة الحقيقة امر جيد ولكنه غير كافي فالسؤال الاهم لماذا وقعت هذه الحقيقة وهل يمكن تلافيها أو تشجيع حدوثها بالمستقبل، إن الرئيس التنفيذي الجيد في أي شركة يقوم عند حدوث مشكلة ما في العمل باتخاذ القرارات اللازمة لمعاقبة المسئولين عن وقوع الحدث إذا كان قد حدث نتيجة اهمالهم واتخاذ التدابير اللازمة التي تضمن عدم تكرر تلك المشكلة، وهذا لن يحدث إلا إذا سأل الرئيس التنفيذي نفسه لماذا وقعت هذه المشكلة.
إن الاجابة على هذا السؤال الكبير لماذا يجعلنا نحسن بشكل كبير المستقبل ونتلافى أوجه القصور التي لم نكن نعلم بها في السابق, ومن أمثلة ذلك مصنع اجبان في اوربا انخفضت مبيعاته بشكل كبير وعلمت الادارة العليا أن أول ما يجب عليهم معرفته هو لماذا حدث ذلك, وتم تشكيل لجنة لبحث الموضوع والاجابة على ذلك السؤال الكبير, فدرست اللجنة اسباب ذلك وتوصلت الى أن السبب هو تعيين مدير صيانة جديد قام بالاجتهاد في تنظيف مكائن الانتاج مما ادى الى قتل البكتيريا الغير ضارة والتي كانت تتسبب في احداث ثقوب بالجبنة والتي اختفت بعد تطهير مكائن الانتاج ,فلم يتقبل المستهلكون الجبنة بدون الثقوب التي تعودوا عليها, ولم يعزا سبب انخفاض مبيعات الجبن الى اسباب عامة لا يمكن التعامل معها مثل هناك منافسة شرسة من قبل المنتجات المماثلة للشركات الاخرى أو يجب زيادة ميزانية الدعاية والاعلان … الخ, ومن الملاحظ أن الاسباب العامة غير مفيدة في اتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث المشكلة بالمستقبل.
ولو أردنا تطبيق طرح السؤال الكبير “لماذا؟” على الجهات الحكومية نستطيع أن نحصر المشاريع التي تعثرت في تسديد قروض صندوق التنمية الصناعي فإذا كان عددها ومبالغ قروضها كبيرة نطرح هنا تساءلنا الكبير” “لماذا؟” يفشل عدد من المصانع والتي تحصل على قروض من صندوق التنمية الصناعي، وللإجابة على هذا السؤال يجب علينا حين يتعثر المصنع في تسديد قروض الصندوق ان ندرس اسباب فشل الشركة هل هو بسبب سوء تنظيم الشركة أو دراسة جدوى اقتصادية سيئة لم تعطي المنتجات المنافسة حقها على مستوى الجودة والسعر واساليب التسويق ومستوى كفاءة التوزيع، أو بسبب دخول منتجات جديدة منافسة للسوق، أو بسبب الابتكارات الجديدة التي وفرت منتجات أكثر جودة من منتجات المصنع محل الدراسة.
إن دراسة ذلك سوف يحسن قراراتنا بمنح القروض للمصانع الجديدة فحين يتعثر مصنع في تسديد القروض بسبب فشله في تحقيق المستهدفات المالية وبعد الدراسة تبين أن المنتج الذي يقوم المصنع بتصنيعه له منتجات منافسة بالسوق بما يجعل أي منتجات مماثلة يفشل لكثرة المنتجات المنافسة وقوتها على مستوى الجودة والتسويق والتوزيع، عند ذلك لن نمنح القروض للمصانع التي تنوي تصنيع منتج يماثل تلك المنتجات التي تشبع السوق منها.
وكمثال أخر ممكن أن نحصر القروض المتعثرة لصندوق التنمية العقاري فإذا كانت كبيرة بما يكفي نطرح سؤالنا المعتاد “لماذا؟” ونحدد اسباب ذلك بدقه ونضع الحلول المناسبة لاستدامة الصندوق ماليا، مثل أن نخفض قيمة القسط بما يتناسب مع قدرات المقترض ماليا وبذلك نزيد في المدة التي نحتاجها لاستعادة القرض، وقد نحتاج الى استخدام التسويق في حث المقترضين على السداد فنوضح بالرسائل الاعلامية بان قيمة القرض عند سداده سيكون لابنك من بعدك لكي نساعده في بناء منزل العمر… الخ.
ومثال أخر هو الدراسات التي يتم عملها من قبل البيوت الاستشارية في الجهات الحكومية هل تم الاستفادة منها وتطبيق ما ورد فيها أم كان مصيرها الادراج في مكاتب المسئولين، هل يوجد لدى الجهات الحكومية قدرات بشرية مؤهلة من المفترض أنها تستطيع عمل تلك الدراسات بدون اللجوء الى البيوت الاستشارية ومع ذلك تم اسناد المهمة الى البيوت الاستشارية , إن حجم الدراسات التي لم يتم الاستفادة منا أو تلك التي يمكن أن يتم عملها داخليا بدون اللجوء الى البيوت الاستشارية سوف يجعلنا نحدد إذا ما كان الوضع يستلزم تكوين لجنة للإجابة على سؤالنا الكبير لماذا؟ ام لا
ومثال أخر نحتاج أن نكون متوسط صناعة حكومي محلي لتحديد منطقية اسعار السلع والخدمات في الجهات الحكومية مثل تكاليف شراء اجهزة الحاسوب وملحقاتها والطابعات وجميع ما يتم شراءه في الاجهزة الحكومية ونقارن بين اسعار الوحدة الواحدة منها في جميع الجهات الحكومية فإذا حللنا الاسعار ووجدنا انحرافات غير طبيعية وجب علينا أن نجاوب على سؤالنا الكبير لماذا؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال