الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يشهد القطاع المالي في المملكة العربية السعودية خلال عام 2025 تحولات قانونية جوهرية تعكس التوجه الوطني نحو بناء بيئة استثمارية جاذبة، وتنظيم إطار مالي مستدام يتماشى مع أهداف رؤية 2030، وتظهر هذه التحولات في عدة مسارات قانونية وتنظيمية بارزة تشمل الميزانية العامة، نظام الاستثمار، التحول الرقمي المالي، وحوكمة السوق.
أعلنت وزارة المالية ميزانية 2025 بعجزٍ مقدَّر يبلغ 101 مليار ريال سعودي، مؤكدةً استمرار نهج مالي يوازن بين الإنفاق التنموي والانضباط، ويستند تمويل العجز إلى خطة اقتراض سنوية تُفَعَّل وفق الفقرة 3/م2 من نظام إيرادات الدولة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (18/11/1431هـ)، التي تعدّ «الاقتراض والقروض المسددة» مصدرًا نظاميًّا للإيرادات بما يتفق مع الأهداف الاقتصادية الوطنية.
في المقابل، كشفت وزارة الاستثمار عن تعديلات مهمة على نظام الاستثمار تستهدف تبسيط الإجراءات وتعزيز حقوق المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، وقد شملت هذه التعديلات تقنين المعاملة العادلة، وتوسيع نطاق التملك، وإعادة تصميم رسوم الترخيص بما يتناسب مع طبيعة النشاط، وهي خطوات تعكس اتساق السياسة التشريعية مع مبادئ الشفافية والمساواة المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية.
أما على صعيد التقنية المالية، فقد توسع البنك المركزي السعودي في دعم الابتكار التقني من خلال ترخيص لثلاثة بنوك رقمية جديدة، وتحديث الأطر التنظيمية لمنصات التمويل الجماعي، وقد أتاح ذلك فرصًا واسعة أمام الشركات الناشئة ورواد الأعمال، وبالمقابل تفرض هذه التوسعات تحديات قانونية تتعلق بحماية المستهلك، مسؤولية مزودي الخدمة الرقمية عن أمن البيانات، والامتثال لمتطلبات الأمن السيبراني.
في السياق ذاته، شهدت السوق المالية السعودية تعديلات مهمة في لوائح الحوكمة، لا سيما تلك المرتبطة بالإفصاح إلزام الشركات المدرجة بتقرير تفصيلي عن صفقات الأطراف ذات العلاقة، وتشديد عقوبات الإخلال بالإفصاح الوقتي ، واستقلالية مجالس الإدارة من خلال رفع الحد الأدنى لنسبة الأعضاء المستقلين في مجلس الإدارة، وتعزيز الشفافية في التعاملات ذات المصالح، وعزَّزت هذه التعديلات الثقة بالسوق عبر تحويل الإفصاح الوقتي إلى ممارسة مؤسسية مُلزمة، وربطت توقيت نشر المعلومات بدقة آلية رقابية داخلية، لتكريس مبدأ المساواة المعلوماتية بين جميع المستثمرين.
تكشف هذه الإصلاحات أن التشريع المالي أصبح أداةً استباقية لتوجيه الاقتصاد نحو التنوع والاستدامة، وبهذا المسار المتكامل تُرسِّخ المملكة بيئة مالية تنافسية تُطلق العنان لنمو مستدام ومتوازن، في انسجام تام مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
ولمواصلة الزخم يُستحسن: إصدار لوائح تنفيذية تفصيلية تعزز اليقين القانوني للمستثمرين، وإنشاء منصة موحدة لقياس أثر الإصلاحات على مؤشرات الشفافية ونشاط السوق، ومواصلة مواءمة الإطار الرقابي مع أفضل الممارسات الدولية، ولا سيّما في مجالات الأمن السيبراني والتقنية المالية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال