الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع إعلان استضافة المملكة العربية السعودية لبطولة كأس العالم 2034، تتجه الأنظار إلى ما هو أبعد من مجرد تنظيم حدث رياضي عالمي. فنحن أمام فرصة تاريخية لفتح نوافذ الاستثمار الرياضي، وتعزيز الاقتصاد الوطني، وتحقيق تحول استراتيجي يتطلب من الجهات المعنية حوكمة رشيدة للفرص، قبل أن تتحول هذه الفرصة الذهبية إلى “حدث عابر” في ذاكرة الرياضة العربية.
الحدث الرياضي.. ولكن بمنظور اقتصادي
كأس العالم لم يعد مجرد بطولة، بل هو سوق متكاملة بحد ذاته. من حقوق البث والرعاية إلى السياحة والبنية التحتية، يشكل هذا الحدث منصة استثمارية يمكن أن تضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد المحلي، إذا ما أُحسن استغلاله.
تشير التقديرات إلى أن الاستعداد لكأس العالم سيتطلب مشاريع بنية تحتية ضخمة تشمل:
كل هذه القطاعات تمثل نقاط التقاء بين الرياضة والاستثمار، وتحتاج إلى إدارة شفافة وحوكمة دقيقة لضمان الاستدامة وتفادي التحول إلى ازدهار اقتصادي زائف ينحسر بانتهاء الحدث.
الاستثمار الرياضي: هل نحن مستعدون؟
رغم الزخم الإعلامي والاستعداد الحكومي، إلا أن القطاع الاستثماري الرياضي ما يزال في طور التكوين في المنطقة. فهل لدينا:
ما بعد 2034: إرث البطولة أم ذاكرة منسية؟
الرهان الحقيقي لا يكمن في عام 2034، بل في ماذا سيبقى بعد صافرة النهاية. هل ستُستخدم الملاعب كمراكز تدريب وأكاديميات للشباب؟ هل ستتحول المنشآت إلى روافد سياحية؟ هل سيتم تأسيس منظومة استثمار رياضي تستقطب رؤوس الأموال المحلية والعالمية؟
مخاطر الفورة الاستثمارية دون حوكمة
إن غياب آليات حوكمة واضحة للاستثمار في الفعاليات الكبرى قد يؤدي إلى:
من هنا، تبرز الحاجة إلى دمج معايير الحوكمة والامتثال مثل ISO 37001 لمكافحة الفساد في كل مراحل التخطيط والتنفيذ، على سبيل المثال يمكن أن يساهم في توقّع تأخيرات الموردين وتخفيف المخاطر التشغيلية، مما يعزز من كفاءة الإنجاز في الوقت والتكلفة لضمان ألا تتحول البطولة إلى استعراض مفرغ من التنمية الفعلية.
دروس مستفادة من تجربة روسيا 2018: تحذير استثماري وحوكمي
تميز تنظيم روسيا لكأس العالم 2018 بتحديات حوكمة كبيرة، حيث تجاوزت تكاليف البنية التحتية الموازنة الأولية بأكثر من 30% بسبب ضعف التخطيط المالي والرقابة، كما أظهرت تقارير منظمة الشفافية الدولية Transparency International, 2018 وجود ممارسات فساد وإسناد عقود دون شفافية كافية، ما أدى إلى تأخير وتسليم مشاريع دون المستوى المطلوب. كذلك، غاب إشراك المجتمع المدني وأصحاب المصلحة في اتخاذ القرارات، مما أسفر عن فجوة بين المشاريع واحتياجات السكان المحليين. لم تتوقف السلبيات عند هذا الحد، بل امتدت إلى ضعف استدامة المنشآت التي تحولت إلى أعباء مالية بعد انتهاء الحدث، وفق تقرير البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD, 2019.
إن هذه التجربة تحثنا على تبني حوكمة صارمة وشفافية مطلقة، مع إنشاء هيئات رقابية مستقلة تضمن تنفيذ المشاريع وفق أعلى المعايير، إضافة إلى ضمان استثمار مستدام ما بعد البطولة.
حوكمة الفرص: من الوعود إلى المنجزات
“حوكمة الفرص” ليست مجرد شعار، بل منهج يتطلب:
خاتمة: رسالة إلى المستثمرين في القطاع الرياضي
كأس العالم 2034 ليس مجرد حدث رياضي، بل اختبار حقيقي لنضجنا الاستثماري. على المستثمرين أن يدركوا أن النجاح لا يُقاس بضخ الأموال فقط، بل بمدى الالتزام بالحوكمة والشفافية. من يستثمر وفق معايير عالمية اليوم، يحصد استدامة وربحاً غداً. فلنُدِر البطولة بعقلية المؤسسات الكبرى: برؤية واضحة، وخطط دقيقة، ومساءلة لا تتهاون.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال