الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ تأسيسها، نالت المملكة العربية السعودية شرفًا عظيمًا وواجبًا مقدسًا في خدمة الحرمين الشريفين ورعاية ضيوف الرحمن. فالحج، الركن الخامس من أركان الإسلام، لا يُمثّل فقط عبادة عظيمة يؤديها المسلم مرة في العمر، بل هو أكبر تجمع روحي عالمي اليوم ويُجسّد وحدة المسلمين ومساواتهم على صعيد واحد.
وتولي المملكة خدمة الحجاج أهمية قصوى، وتعتبرها أمانة دينية وتاريخية قبل أن تكون مسؤولية تنظيمية أو اقتصادية. ويتجلى ذلك في تغيير مسمى ملك المملكة العربية السعودية الى خادم الحرمين الشريفين.
ولأكثر من تسعة عقود، سخّرت المملكة مواردها المالية والبشرية لخدمة الحجاج والمعتمرين، حيث تجاوزت نفقات المسجد الحرام وحده في السنوات الأخيرة 200 مليار ريال سعودي، من مشاريع توسعة ونقل عملاقة مثل قطار الحرمين، والمطارات المخصصة للحجاج، والمستشفيات الميدانية، وتنوع الانفاق على تحسين البنية التحتية، وتطوير الخدمات الصحية والأمنية دون مقابل مادي لاسيما من حجاج الدول الاسلامية ذات الدخل المحدود.
كما اهتمت المملكة بتجربة الحاج والمعتمر على حد سواء. ولنا ان نفخر بأن المملكة اليوم يضرب بها المثل في ادارة الوفود ويستعان بها من اجل تفويج الجماهيرعالميا لخبرتها الكبرى في ادارة الحجيج. حيث يجتمع خلال موسم الحج سنويًا أكثر من 250 ألف موظف ومتطوع من مختلف القطاعات لخدمة افضل للحجاج، بالإضافة إلى توزيع ملايين الوجبات والمياه، والعمل على توفير الامن والرعاية الصحية المجانية التي تُقدّر قيمتها بمليارات الريالات.
ومع كل هذه الجهود الجبارة، تم اعلان مبادرة طريق مكة التي تسهل تجربة الحاج والمعتمر من تخليص اجرائتهم في بلدانهم. وتأسيس برنامج خاص تحت مسمى برنامج خدمة ضيوف الرحمن ضمن برامج ومبادرات رؤية المملكة 2030. حيث يعنى بجودة التجربة كاملة بدون ان يتم إغفال البُعد الاقتصادي الذي بدأ يبرز بوضوح في إطار الرؤية، حيث يُعد الحج والعمرة من أبرز مصادر الدخل غير النفطي للمملكة.
تشير التقديرات إلى أن العائدات المرتبطة بالحج والعمرة قد تصل إلى اكثر من 50 مليار ريال بحلول 2030، مقارنة بحوالي 30 مليار ريال حاليًا. كما تستهدف الرؤية رفع عدد المعتمرين حيث ذكر وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة ارتفاع نسب المعتمرين هذا العام 11% في الربع الاول فقط من 2025، ما يعزز الاستثمار في قطاعات الإيواء، النقل، السياحة والخدمات الرقمية. حيث تُعد هذه المواسم فرصة لتوليد عشرات الآلاف من الوظائف، وتنمية قطاعات اقتصادية حيوية، بما في ذلك السياحة الإسلامية، وريادة الأعمال التقنية في الخدمات الدينية.
ما يميز المملكة هو قدرتها على تحقيق توازن نادر بين أداء رسالة دينية خالصة، وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، دون المساس بروحانية الشعيرة. فالحج يبقى في جوهره عبادة، لكن حسن التنظيم والاستثمار الذكي حوله إلى أحد أعمدة الاقتصاد الجديد، ومصدر فخر إسلامي وإنساني في آنٍ معًا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال