الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ انطلاقة رؤية السعودية 2030 تغير وجه الاقتصاد الوطني بشكل جذري، ليس فقط على مستوى السياسات والتشريعات، بل في واقع الأرقام والفرص والقطاعات التي أعيد تشكيلها لتواكب طموحًا لا يهدأ. أصبحت المملكة العربية السعودية أكثر جذبًا للاستثمار والكفاءات، وأقوى حضورًا في سلاسل التوظيف والتشغيل والإنتاج، ونتج عن ذلك توسع في القاعدة السكانية العاملة، بما يشمل المواطنين والمقيمين على حد سواء. وفي ظل هذا الحراك المتسارع، تبرز تحويلات الأجانب كأحد المؤشرات الحيوية التي تعكس عمق التحول وحيوية السوق.
خلال عام 2023، بلغت تحويلات العاملين الأجانب في السعودية نحو 126.8 مليار ريال، وفق بيانات البنك المركزي، في رقم يعكس استقرارًا اقتصاديًا وثقة واضحة في السوق المحلية. ولم يكن هذا الرقم نهاية المنحنى؛ ففي عام 2024 ارتفعت التحويلات بنسبة 14% لتصل إلى 144.2 مليار ريال، مسجلة أعلى مستوى لها منذ عام 2021، في مؤشر على تحسن دخول الوافدين وزيادة الاعتماد عليهم في قطاعات متعددة. ومع بداية 2025، سجّل شهر مارس تحويلات بلغت 15.5 مليار ريال، وهو أعلى رقم شهري منذ عام 2016، ما يعكس اتساع النشاط الاقتصادي، وارتفاع معدلات التوظيف، واستقرار الدخل للعمالة الوافدة.
هذا النمو لم يكن معزولًا عن التوسع في عدد السكان غير السعوديين. بلغ عدد الأجانب في المملكة 15.7 مليون نسمة في منتصف عام 2024، مقارنة بـ 14.5 مليون في عام 2023، بزيادة تجاوزت 1.2 مليون نسمة خلال عام واحد فقط. هذه الأرقام تكشف بوضوح حجم الحراك السكاني والاقتصادي، كما تعكس مدى اعتماد السوق على كفاءات دولية تُسهم في دعم القطاعات الحيوية.
تحويلات الأجانب في هذا السياق ليست مجرد أموال تُرسل إلى الخارج، بل هي انعكاس مباشر لقوة الاقتصاد السعودي، ومتانة سوق العمل، وتكامل البنية التشغيلية التي تتيح للوافدين فرص دخل مستقرة ومحفزة. كل زيادة في هذه التحويلات تعني أن هناك حركة اقتصادية حقيقية، ومشاريع قائمة، وأجورًا تُدفع، ما يدل على نشاط يُبنى على أرض المملكة. كما أن وجود العمالة الأجنبية جزء من منظومة إنتاجية مرنة، تسهم في تنفيذ المشاريع الكبرى، وتعزز التنوع في القطاعات الخدمية والصناعية، وتفتح مزيدًا من فرص التوظيف والاستثمار، ضمن اقتصاد يتجه بثقة نحو مستقبل أكثر تنوعًا وازدهارًا.
التحولات التي تقودها السعودية اليوم لا تُقاس فقط بالمشاريع العملاقة أو تقارير التصنيفات الدولية، بل تظهر حتى في المؤشرات الصامتة مثل حركة التحويلات المالية. ما نراه اليوم من تصاعد في تحويلات الأجانب ما هو إلا مرآة لاقتصاد يتسع للجميع، وينمو بالجميع، ويُعيد رسم معادلة التنمية على أسس حديثة وواقعية. المملكة لا تقف عند حدود الاكتفاء، بل تسعى لتكون مركزًا عالميًا متكاملاً، وكل رقم يصدر من بنك أو جهة إحصائية يؤكد أن هذا الهدف لم يعد حلمًا، بل حقيقة تُبنى يومًا بعد يوم.
ختام القول..
تحويلات الأجانب من السعودية إلى بلادهم ليست مجرد أرقام، بل شواهد حيّة على اقتصاد ينبض بالفرص، ويتّسع بكفاءة للجميع. وفي السعودية الجديدة، كل مؤشّر – حتى الصامت منها – يروي حكاية تحوّل، ويؤكد أن الرؤية أصبحت واقعًا ملموسًا. ليس المهم كم يُحوَّل، بل كم يُنتج، وكم يُبنى، وكم تُصنع من خلاله قيمة تترسّخ في قلب اقتصاد لا يعرف التباطؤ ولا يقف عند الاكتفاء.
وما خفي من التحوّل أعظم، وما سترويه الأرقام القادمة سيكون أبلغ من كل تفسير.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال