الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عصرنا الرقمي الحالي، أصبح الأطفال أكثر اتصالا من أي وقت مضى، حيث يستخدمون المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي والأدوات التعليمية الرقمية منذ سن مبكرة. وبينما تقدم التكنولوجيا العديد من الفوائد، فإنها أيضا تثير مخاطر كبيرة، خاصة مع وجود تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وذلك لأن الخوارزميات المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تؤثر على سلوك الأطفال، وتعرضهم لمحتوى ضار، وتعرض خصوصيتهم للخطر كذلك إذا لم تُنظم بشكل صحيح.
وعلى سبيل المثال، قد ينطوي استخدام الأطفال لبعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي والدردشات، على مخاطر عديدة ومنها العزلة الاجتماعية للأطفال، وكذلك الاعتمادية العاطفية من قبل الأطفال لتلك التطبيقات واعتبارها بمثابة أصدقاء مقربين لهم بدلا من اقرانهم من الأطفال الأخرين.
وبالتالي، ومع ازدياد ثقة الأطفال ببرمجيات غير بشرية، يسهل التلاعب فيها، قد يتم عرض معلومات خاطئة أو مؤذية أو محتوى غير ملائم لهؤلاء الأطفال. وعلى الرغم من أن هذه الأدوات قد توفر الراحة أو الدعم أحيانا، إلا أنها قد تؤثر سلبا كذلك على تنمية المهارات الاجتماعية الصحيحة، وتزيد من مشاعر الوحدة، أو تزيد من تفاقم مشكلات أخرى للأطفال مثل الاكتئاب والقلق. وبالإضافة إلى ذلك، تثير المخاوف بشأن خصوصية الأسر لهؤلاء الأطفال واحتمالية أن يلجأ الأطفال إلى الذكاء الاصطناعي للحصول على المساعدة أثناء النقاشات أو النزاعات العائلية اليومية المعتادة، وبالتالي نشر معلومات خاصة بتلك الأسر في الفضاء الرقمي.
وتشمل مخاطر الذكاء الاصطناعي في الفضاء الرقمي أيضا تعرض الأطفال لمواد غير ملائمة، ووجود محتالين عبر الإنترنت من خلال أدوات التزييف أو ما يعرف ب Deep Fake، وبالتالي، وجود تلاعب في تصورات وتفكير الأطفال من خلال عرض شخصيات وهمية، قد يثق بها الأطفال، لبعض المحتويات الضارة بهدف الاستغلال. وقد تؤدي بعض الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي كذلك إلى الترويج لمعلومات مضللة، مما يمكن أن يؤثر بشكل طويل الأمد على نمو الطفل وتكوينه الفكري. وايضا، يثير جمع البيانات وملفات التعريف مخاوف بشأن انتهاك الخصوصية، مما يجعل الأطفال أكثر عرضة للاستغلال.
ولذلك، يتطلب حماية الأطفال في هذا البيئة نهجا متعدد الأطراف يضم صانعي السياسات، وكذلك شركات التكنولوجيا، والمعلمين، والأهالي، تضمن الشفافية والمساءلة. ولذلك، من الضروري سن قوانين وسياسات واضحة لحوكمة الذكاء الاصطناعي واستخدامه في المحتوى الموجه للأطفال.
ولذلك، من الضروري تطبيق معايير أخلاقية صارمة للذكاء الاصطناعي، وتبني فلاتر تلقائية لإظهار المحتوى الملائم حسب العمر، ويجب أيضا وجود ممارسات شفافة خلال جمع البيانات للتأكد من الالتزام بالأخلاقيات وحماية الخصوصية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الثقافة الرقمية منذ الصغر هو أفضل وسيلة لتمكين الأطفال من التعامل مع الفضاء الرقمي بأمان ومسؤولية. ويتم ذلك من خلال حملات التوعية لتعزيز التثقيف الرقمي للأطفال وذويهم، من خلال تقديم برامج توعية وتدريب للأطفال وأولياء الأمور حول الاستخدام الآمن للإنترنت، وطرق التعرف على المحتوى الضار وكيفية التصرف عند مواجهة مخاطر في هذا الصدد.
ومن المفيد كذلك تصميم منصات وتطبيقات ملائمة للعمر، من خلال إنشاء بيئات رقمية مخصصة للأطفال تراعي حاجاتهم وتوفر حماية مدمجة ضد المحتوى الضار، مع تقديم تجارب تعليمية بسيطة الفهم لهم.
ويتم العمل على جميع تلك المقترحات من خلال موائمة التعاون الدولي، مع الجهود المحلية بين القطاعات المختلفة، من خلال إقامة شراكات بين الحكومات، والشركات التقنية، والمنظمات غير الحكومية، والمؤسسات التعليمية لوضع سياسات مشتركة وحلول مبتكرة لحماية الأطفال، مثل أنظمة التعرف على المحتوى الضار، وأنظمة التنبيه المبكر للمخاطر.
ولذلك، مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، من الضروري أن نضع سلامة الأطفال في مقدمة الأولويات، وذلك لضمان استفادتهم من التكنولوجيا بطريقة آمنة وأخلاقية، وبناء مستقبل أكثر أمانا وعدلا لهم وللجميع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال