الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا شك أن دمية “لابوبو” القادمة من الصين هي حاليا أكثر الدمي المحشوة رواجا في العالم، هذا “الوحش الصغير” ذو الابتسامة الماكرة والتسعة أسنان المتنافرة، والذي يجمع بين القبح والجمال بطريقة فريدة، أصبح ظاهرة على منصات التواصل الاجتماعي العالمية. يتهافت المعجبون على اقتنائه، حتى أنهم يصطفون لساعات لشرائه، وظهرت حتى خدمات تأجيره!
لكن ما الذي يجعل دمية لابوبو ساحرة إلى هذا الحد؟ وكيف تحول من دمية غريبة الشكل إلى رمز تعبيري عالمي يحبه الشباب في كل مكان؟
تعبير “القبح اللطيف” يعكس إسقاطات عاطفية لدى الشباب
لقد كسر تصميم دمية لابوبو الإطار الجمالي التقليدي للدمى التي تتسم غالبًا بالجمال واللطافة. فأذناه المدببتان، وأسنانُه التسع غير المتناسقة، وتعبير أنفه المجعد وهو يبتسم بمكر، تجعل منه شكلا غريبا، لكنه مع ذلك يأسرك من النظرة الأولى. يقول البعض إنه “قبيح لكن واقعي”، ويصفه آخرون بأنه “رفيق عاطفي بمشاعر ملموسة”.
وهذا هو سر شعبيتها. ووفقا لبيانات جمعية الألعاب ومنتجات الأطفال الصينية، أصبح جيل ما بعد العقد الأول من الألفية الثانية أكبر فئة مستهلكة للألعاب المحشوة، بنسبة 43%، بينما يشكل جيل ما بعد التسعينيات 36%. بالنسبة للكثيرين، يمكن لملمسها الناعم وشكلها الجميل أن يحفز المشاعر الإيجابية ويقلل من التوتر والقلق.
ولا يتوقف الأمر عند الرغبة في الاقتناء، بل تتولد مع دمية لابوبو مشاعر الرفقة. كثير من المستخدمين يحتفظون بها على مكاتبهم أو طاولاتهم بجانب السرير، بل ويصطحبونها في رحلاتهم ويلتقطون معها الصور. لم تعد هذه الدمية مجرد لعبة، بل أصبحت وسيلة للتعبير عن الذات ومشاركة المشاعر.
كما أن آلية “الصناديق المغلقة” غامضة (Blind Box) تضيف عنصر الإثارة، حيث يعزز عامل المفاجأة والنسخ الحصرية حسب المناطق، إضافة إلى المضاربة في الأسواق الثانوية، من رغبة المستهلكين في اقتنائها، وتحولها إلى “أصول للعرض” على منصات التواصل الاجتماعي.
القوة الشاملة لصناعة الألعاب الصينية
النجاح العالمي لدمية “لابوبو” لم يكن صدفة، بل نتيجة نضج صناعة الألعاب الرائجة في الصين من حيث التصنيع والتسويق والتقنيات.
أولا، يعود ذلك إلى الدعم القوي للتصنيع وسلسلة التوريد. فإذا أخذنا دونغقوان، مركز الإنتاج الرئيسي لشركة لابوبو، على سبيل المثال، فقد تشكلت محليا سلسلة متكاملة لصناعة الألعاب الرائجة: بدءا من التصميم، والنمذجة، والقوالب، والطلاء، وصولا إلى التعبئة والتغليف والخدمات اللوجستية والتوزيع، وهي سلسلة مترابطة وفعّالة للغاية. يمكن تحويل فكرة على ورقة إلى منتج فعلي خلال 72 ساعة فقط.
ثانيا، السوق في نمو متسارع. فحتى عام 2025، يوجد في الصين أكثر من 51,000 متخصصة في الألعاب الرائجة، مع انضمام أكثر من 5,700 شركة جديدة في ذلك العام وحده. ومن المتوقع أن تتجاوز قيمة السوق 110 مليار يوان بحلول عام 2026، مع نمو سنوي يزيد عن 20%. يشهد هذا السوق نموا سريعا، مدعوما بالطلب الحقيقي على القيم العاطفية مثل “التفرد”، و”الرفقة”، و”الشفاء النفسي”.
ثالثا، تسهم التكنولوجيا في توسيع المحتوى والتجربة. فشركات الألعاب الصينية باتت تُدخل تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والواقع المعزز في منتجاتها. فعلى سبيل المثال، طورت شركات في ييوو دمى ذكية تتحدث العربية للأسواق الشرق أوسطية، بينما تستخدم شركات ناشئة في شنغهاي مثل FoloToy نماذج لغوية صينية لتحويل الدمى المحشوة إلى رفقاء حوار للأطفال باللغة الإنجليزية. ومن المحتمل أن تتطور لابوبو مستقبلا نحو التفاعل الذكي بدلا من العرض الثابت.
لماذا تلقى شخصية خيالية غير ناطقة صدى عالميا؟
لابوبو ليست شخصية ذات خلفية قصة أو مسلسل رسوم متحركة، بل تتواصل مع الجمهور من خلال لغة غير لفظية: ابتسامة غريبة، وتصاميم متغيرة باستمرار. هذا الأسلوب يمنح المستهلكين من خلفيات ثقافية متنوعة حرية التفسير والتأويل.
وتتبع شركة Pop Mart استراتيجية محلية “بتدخل خفيف”، فتصدر نسخا حصرية حسب الدولة أو المنطقة: نسخة بالذهب التايلاندي، ونسخة بسمكة الأسد في سنغافورة، ونسخة بلوحات اللوفر في باريس… وهكذا، تتغير شخصية لابوبو بحسب البيئة، لتتفاعل مع كل سوق وجمهور بطريقة مرنة.
كما قال الرئيس التنفيذي لشركة بوب مارت، وانغ نينغ: “نحن لا نفرض الآي بي الصيني على العالم، بل نمنح العالم منصة لاكتشاف الآي بي الخاص به”. بهذا الانفتاح والمشاركة، تنطلق الإبداعات الصينية نحو العالمية. ومثلما وصلت دمية لابوبو إلى قلوب الناس، فسيظهر المزيد من دمي “لابوبو” الصينية في الساحة العالمية قريبا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال