الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حين يفكر الفرد بشراء وحدة سكنية، فإن أول ما يخطر بباله هو السكن والاستقرار. لكن في عالم اليوم، لم يعد العقار مجرد جدران تؤوي العائلة، بل أصبح أداة استثمارية ذكية يمكن أن توفر دخلاً، وتمنح مرونة مستقبلية، وتؤمّن حياة أفضل للأبناء.
وهذا المقال يأتي تعقيبًا على ما طرحه الزميل جمال بنون في مقاله “شقق على المقاس.. وفلل على الهامش” المنشور في صحيفة مال يوم الثلاثاء، حيث ناقش فيه تحوّل الشقق إلى الخيار السكني الأول للأسر السعودية، وابتعاد الكثير عن الفلل، لأسباب اقتصادية وتنظيمية. وفي هذا السياق، تتسع دائرة النقاش للحديث عن سبل تعظيم الاستفادة من الوحدة السكنية، ليس فقط كحل للسكن، بل كخيار استثماري مرن.
فالوحدة السكنية يمكن أن تتحول إلى مصدر دخل إضافي من خلال تأجير جزء منها لغرض السكن، ويمكن استخدام العائد من الإيجار لسداد قرض عقاري أو تغطية نفقات تعليمية أو صحية. كما أن نقل الملكية لأحد أفراد العائلة في وقت مبكر قد يكون وسيلة فعالة لتوزيع الثروة وتقليل العبء الضريبي مستقبلاً. هذا النوع من التخطيط لا يقتصر فقط على العائد المالي، بل يحمل في طياته بُعدًا اجتماعيًا مهمًا، يتمثل في دعم استقرار الأسرة وتخفيف الأعباء عن الأبناء.
بل إن البعض أصبح يتبنى فكرة أكثر تطورًا: شراء وحدة سكنية قابلة للفصل إلى جزئين أو أكثر، سواء كانت شقة أو فيلا، بهدف تأجير جزء منها أو استخدامها لاحقًا كحل سكني مرن لأفراد العائلة. وهنا تبرز أهمية التصميم الهندسي الذكي منذ البداية؛ بحيث يُراعي إمكانية الفصل لاحقًا دون تعقيدات هيكلية أو قانونية. يشمل ذلك دراسة توزيع الخدمات مثل الكهرباء والمياه، والتأكد من إمكانية تركيب عدادات منفصلة، وكذلك فهم الأنظمة البلدية المتعلقة بالتقسيم والاستخدام المستقبلي.
هذا التفكير الاستثماري يحقق فوائد ملموسة. فمن الناحية الاقتصادية، يمكّن الأسر من خلق مصدر دخل مستقر ودائم، ويقلل من الاعتماد على القروض، ويوفر هامشًا أكبر للادخار والإنفاق الذكي. أما من الناحية الاجتماعية، فهو يعزز مرونة الأسرة في مواجهة تغيّرات الحياة، سواء بزواج أحد الأبناء، أو احتياج أحد الوالدين لمساحة خاصة، أو حتى وجود رغبة في العمل من المنزل ضمن بيئة مستقلة.
إننا اليوم أمام مفهوم جديد للعقار؛ ليس كملاذ فقط، بل كأصل حيّ يتحرك وينمو ويتأقلم مع ظروف الأسرة. وحدة سكنية تُخطط لها اليوم، لتخدمك بعد عشر سنوات في مرحلة مختلفة تمامًا من حياتك. وهنا تبرز أهمية التفكير المسبق، والتخطيط الذكي، والإيمان بأن العقار ليس جدارًا وسقفًا فقط، بل أداة لصناعة الاستقرار وتحقيق التنمية المستدامة داخل الأسرة والمجتمع. وتحقيق لرؤية 2030 اقتصادياً ومالياً واجتماعياً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال