الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظل التحولات الجوهرية التي تشهدها المملكة ضمن إطار رؤية 2030 تبرز الطاقة المتجددة كأحد المحاور الاستراتيجية نحو بناء اقتصاد مستدام وتنمية شاملة لا تعتمد على النفط. وفي مقدمة هذه الموارد تأتي الطاقة الشمسية التي باتت تمثل خياراً وطنياً مدروساً في ظل وفرة الإشعاع الشمسي واتساع الرقعة الجغرافية الصحراوية التي تتيح تنفيذ مشاريع ضخمة على مستوى البنية التحتية والجدوى الاقتصادية
تسعى المملكة إلى إنتاج ما لا يقل عن 50% من الكهرباء عن طريق مصادر متجددة بحلول عام 2030 وهو ما سيُسهم في خفض انبعاثات قطاع الطاقة بنسبة تصل إلى 30%. هذا التوجه لم يبقَ على مستوى الرؤية بالخصوص لكن تُرجم على أرض الواقع من خلال سلسلة من المشاريع العملاقة التي تعكس التزام المملكة الجاد بالتحول نحو الطاقة النظيفة. من أبرز هذه المشاريع هو مشروع سكاكا للطاقة الشمسية بقدرة 300 ميجاواط كأول مشروع مستقل للطاقة الشمسية في المملكة والذي يساهم في تقليل الانبعاثات بما يقارب 430 ألف طن سنوياً. أما مجمع سدير للطاقة الشمسية الأكبر في الشرق الأوسط فيُنتج طاقة تكفي لتشغيل 185 ألف منزل ويقلل الانبعاثات الكربونية بحوالي 2.9 مليون طن سنوياً
تتواصل هذه الجهود في مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر المعتمد على مزيج من الطاقة الشمسية والرياح والذي من المتوقع أن ينتج 650 طن يومياً من الهيدروجين الأخضر عند اكتماله في 2026 ويوفر أكثر من 5 ملايين طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً. كما شهد عام 2023 الإعلان عن محطة الشعيبة الشمسية بقدرة 2.6 جيجاواط والتي تعد من بين الأكبر عالمياً بتكلفة تتجاوز 8.5 مليار ريال
ولا تقتصر فوائد هذه المشاريع على خفض الانبعاثات لكن تشمل خفض استهلاك المياه مقارنة بمحطات النفط التقليدية فضلاً عن دور الألواح الشمسية في حماية التربة من التآكل وتقليل التبخر. كما تُجرى تجارب لزراعة النباتات تحت الألواح الشمسية كما في مشروع ليدارك مما يعكس فهماً عميقاً لتكامل البعد البيئي والزراعي
لا ننسى أن بناء اقتصاد مستدام يتطلب كوادر بشرية وطنية مؤهلة فقد حرصت المملكة على تفعيل دور التعليم العالي في دعم قطاع الطاقة المتجددة حيث أطلقت عدداً من الجامعات برامج أكاديمية متخصصة. منها ماجستير العلوم في الطاقة المتجددة في جامعة الملك سعود والذي يشمل مسارات في الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين. كما تقدم جامعة القصيم دبلوماً تطبيقياً في تقنية الطاقة الشمسية في حين توفر جامعة الأميرة نورة برنامج بكالوريوس هندسة الطاقة المتجددة للطالبات تؤهل خريجاتها للعمل في مشاريع كبرى كأرامكو ونيوم. وتُعد جامعة كاوست رائدة في البحوث التطبيقية عبر مركز أبحاث الطاقة الشمسية المتقدم فيما تتيح جامعات مثل الملك خالد والباحة والإمام عبد الرحمن بن فيصل والأمير فهد بن سلطان برامج متنوعة في البكالوريوس والماجستير تدمج بين الهندسة والفيزياء والبيئة
رغم التقدم الملحوظ على أرض الواقع لم تغفل المملكة عن التحديات المصاحبة مثل التأثير على الحياة البرية أو تراكم الغبار ودرجات الحرارة المرتفعة والتي تمت معالجتها بتصميمات بيئية مثل الممرات الحيوية واستخدام تقنيات حديثة كالألواح المقاومة للغبار والروبوتات الجافة للتنظيف
أخيراً يتضح أن المملكة لا تكتفي ببناء محطات طاقة متجددة لكن تُرسّخ منظومة متكاملة تشمل البنية التحتية والتعليم والتقنية وتوطين المعرفة وهذا بطبيعة الحال يعزز من قدرتها على قيادة التحول نحو مستقبل أخضر وابتكار نموذج اقتصادي سعودي يُحتذى به إقليمياً وعالمياً
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال