الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في كتابه ” ثقافتنا في ضوء التاريخ ” يستخلص عبدالله العروي تحت عنوان فرعي ” العلم والمحيط الاجتماعي ” بعض العبر من تاريخ الاختراعات الكبرى ليجد او ليجد والقراء الذي يناقشهم ان هذه الاختراعات ناتجة عن عدة ” فعاليات” كما اسماها واحسب ان التسمية الصحيحة هي عدة ” عوامل “.
أولها يتعلق بالمفاهيم التي لم يكن من المستطاع بدونها تصور التجارب التي قادت الى اكتشاف قوة طبيعية قابلة للاستخدام، وان الاكتشافات العلمية لا تحصل الا بعد ان يكون الذهن مهيأ منذ زمن لاكتشافها، وثانيها عامل تقني بحت يخص المادة التي تم اكتشاف بعض قوانينها، والثالث عامل سياسي نابع عن إرادة واختيار المسؤولين اذ يحكي التاريخ قصص بعض مخترعين عاشوا مجهولين ومعوزين بسبب اهمالهم من المجتمع او الدولة مما تسبب في تأخر هذا المجتمع عن البقية، والعامل الرابع والأخير هو تنامي واتساع دائرة المشاركين في عمليات الاختراع خاصة فيما يتعلق بالاختراعات العلمية الصناعية للوصول الى منتج واحد.
قد لا نتفق مع كل ما يقوله العروي في الثقافة والتاريخ، لكني اتفق مع هذه الجزئية، واربطها بما يحدث لدينا تحت مظلة رؤية 2030 وخاصة فيما يتعلق برعاية المميزين في العلوم الذي يشكلون نواة الاختراع في كل مجال، والتكفل بدعمهم واشراكهم في المنتديات والمسابقات العلمية العالمية لنجد بنات واولاد في عمر الزهور او اكبر قليلا يعودون في السنوات الأخيرة بالميداليات والاهم يعودون ” بالاعتراف ” العلمي الدولي ببراءات اختراعاتهم.
اذا تحقق لدينا العامل الثالث من العوامل أعلاه وهو الأهم من وجهة نظري، وبهذه البعثات العلمية الجماعية سيتحقق العامل الرابع، وكلاهما سيحقق العامل الأول : ” تهيئة الذهن العلمي المكتشف ” ليحقق شيئا للبشرية ويخترع او يبتكر ما ينفع بلاده والعالم اجمع، وبالطبع سنترك العامل الثاني للمخترعين انفسهم.
في مشاركة ابناءنا الأخيرة حقق المنتخب السعودي 23 جائزة في معرض ريجينيرون الدولي للعلوم والهندسة “آيسف 2025″، بينها 9 جوائز خاصة، و14 جائزة كبرى، منها 3 في المركز الثاني، و5 ثالثاً، و6 رابعاً، وبهذا الإنجاز يرتفع رصيدنا في هذه المسابقة عبر المشاركات المتتالية إلى 183 جائزة، منها 124 كبرى، و59 خاصة.
ويجب ان أقول للتذكير ان معرض “آيسف” أكبر منصة عالمية للمشاريع البحثية لطلاب المدارس، حيث يُقيِّم المشاركات نخبة علماء وخبراء دوليين، ما يمنح المشاركين فرصة مميزة لاستعراض قدراتهم العلمية أمام جمهور عالمي من المتخصصين.
اذا نحن إزاء تصاعد ملحوظ في الاكتشافات والاختراعات الطلابية في المجالات العلمية، ولا اشك ان كثيرا من هذه المشاريع البحثية والأفكار والاختراعات يمكنها منفردة او بجمع المتسق منها مع بعضه ان تؤدي الى ما يمكن استغلاله كمنتج ينفع الناس والاقتصاد وهنا يأتي دور مغامرون ومخترعون من نوع آخر، انهم المستثمرون الذين يقرأون المستقبل، ويطلعون على تاريخ الاختراعات والتقدم الصناعي لدى من سبقنا، هؤلاء هم من يمكنهم ان يحولوا هذه النجاحات المتتالية الى شيء لو صبروا عليه كما يجب الصبر على الاختراعات العلمية، واستثمروا فيه كما يجب، ربما سيدخلون تاريخ الاقتصاد والاعمال يوما ما من أوسع ابوابه.
هناك اهتمام حكومي كبير ومركز على هذا الجانب، ولا اشك ان هناك بعض الشركات ورجال الاعمال يستشرفون بعض هذه الفرص ويؤمنون بالاختراع العلمي كبوابة لنجاح الصناعة والإنتاج في أي مجال، لكننا بصراحة بحاجة الى المزيد منهم، فعدد مخترعينا يتزايد، ولا بد يوما ما ان يخرج شيء منهم يصنف في التاريخ على انه من ” الاختراعات الكبرى ” التي غيرت مسار البشرية الى الأفضل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال