الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عالم اليوم، أصبحت التكنولوجيا مجالا رئيسيا للتنافس والتعاون بين الدول. تُحدد التقنيات الرائدة مثل الرقائق والذكاء الاصطناعي وأنظمة الملاحة، الاتجاه المستقبلي للتنمية الصناعية، مما لها من تأثير عميق على هيكل الحوكمة العالمية. في هذه المنافسة التكنولوجية الخالية من الدخان، طرحت الصين رؤية واضحة تهدف إلى أن تكون التكنولوجيا في خدمة الشعوب وتفيد البشرية جمعاء.
في السنوات الأخيرة، تصاعدت المنافسة بين الصين والولايات المتحدة على الرقائق المتطورة والذكاء الاصطناعي. حيث فرضت الولايات المتحدة مرارا قيودا على صادرات الشركات الصينية تحت ذريعة “الأمن القومي”، محاولة عرقلة تدفق التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين. مع ذلك، لم يُحقق هذا “الحصار التكنولوجي” الأثر المرجو، بل أثار دافع الشركات الصينية لتطوير تقنياتها بشكل مستقل. وقد أقرّ بعض المراقبين الغربيين صراحة بأن هذا الحصار أصبح “حافزا للابتكار”.
في مايو 2025، أطلقت شركة التكنولوجيا الصينية شياومي رقاقة مطورة ذاتيا متخصصة للهواتف المحمولة بتقنية 3 نانومتر تحت اسم “إكسرينغ أوه 1” (XRING O1)، لتصبح أول شركة في البر الرئيسي للصين تحقق اختراقا في مجال عملية تصنيع متقدمة. في الوقت نفسه، واصلت رقاقة “آسيند” (Ascend) لذكاء الاصطناعي من هواوي تطورها، ورغم إدراجها في قوائم الحظر الأمريكية، فإنها لا تزال تحافظ على نشاطها ضمن مجتمعات البرمجيات المفتوحة عالميًا. كما حظي نموذج الذكاء الاصطناعي ” ديب سيك” من مدينة هانغتشو بترحيب واسع من قبل المطورين الدوليين، ما يدل على أن التكنولوجيا الصينية ليست منغلقة، بل تشجع التعاون والانفتاح والتقدم المشترك.
وقد أشار الرئيس الصيني إلى أن “الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون منتجا عاما دوليا يعود بالنفع على البشرية. يجب تعزيز التعاون الدولي على نطاق واسع في هذا المجال، ومساعدة دول الجنوب العالمي في بناء قدراتها التكنولوجية، والمساهمة الصينية في تضييق الفجوة الرقمية العالمية”. ولا يعكس هذا الموقف فقط تفكيرا في أخلاقيات التكنولوجيا المستقبلية، بل يجسد أيضا تطلع الصين إلى تقاسم ثمار الابتكار مع الدول النامية، بما في ذلك دول الشرق الأوسط وأفريقيا.
ينبغي ألا تكون التكنولوجيا أداة احتكار، بل جسرًا للعدالة والمساواة. فعلى الصعيد العالمي، غطى نظام الملاحة الصيني “بيدو” أكثر من 200 دولة ومنطقة، وأدرجته الأمم المتحدة ضمن “البنية التحتية العالمية للرفاهية العامة”. في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأماكن أخرى، يُستخدم “بيدو” على نطاق واسع في الزراعة والنقل والإنقاذ والطاقة وغيرها من المجالات، وأصبح دعامة مهمة للتنمية الرقمية في العديد من البلدان. وبهذا، تسهم الصين من خلال قدراتها التقنية في دعم تنمية الدول الأخرى، وتُجسد عمليا فلسفة “التكنولوجيا من أجل الإنسان”.
في الواقع، وكما قال بيل غيتس، فإن القيود المفروضة على التكنولوجيا الصينية “تؤدي إلى نتائج عكسية من نواحٍ عديدة”. كما أقر جينسون هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، بأن قيود التصدير جعلت الشركة تخسر أسواقا بمليارات الدولارات، لكنها لم توقف تقدم الذكاء الاصطناعي الصيني. من غير المرجح أن يدعم هذا النوع من سياسة احتواء التكنولوجيا التطور السليم للنظام البيئي التكنولوجي العالمي على المدى الطويل.
في المستقبل، ستستمر المنافسة في المجال التكنولوجي، لكن ما سيحدد القوة الحقيقية لأي دولة في هذا المجال لن يكون شدة الحصار المفروض عليها، بل قدرتها على مشاركة ثمار التنمية مع العالم، واتباع نهج إنساني يهدف إلى التقدم المشترك للمجتمع البشري.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال