إدارة المعرفة والاقتصاد المعرفي

إدارة المعرفة والاقتصاد المعرفي مفهومان مترابطان يعكسان التحولات العميقة التي شهدها العالم في العقدين الماضيين، حيث أصبحت المعرفة هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي  وليس الموارد المادية أو الطبيعية. ويرتبط الاقتصاد المعرفي بقدرة الدول والمؤسسات على تحويل المعرفة إلى قيمة اقتصادية من خلال الابتكار والتعليم والتكنولوجيا، بينما تُعنى إدارة المعرفة بتنظيم وتوجيه المعرفة داخل المؤسسات لتحقيق أقصى استفادة منها.

إدارة المعرفة هي عملية منظمة تتضمن جمع المعرفة وتنظيمها ومشاركتها وتطبيقها بطريقة تسهم في تحسين أداء المؤسسات واتخاذ القرارات. تشمل المعرفة مجموعة متنوعة من الأشكال، منها المعرفة الضمنية التي تتعلق بالخبرات والتجارب الشخصية والمهارات المكتسبة، والمعرفة الصريحة التي تكون موجودة في شكل وثائق أو قواعد بيانات. تعتمد إدارة المعرفة على تقنيات المعلومات الحديثة لتسهيل مشاركة المعرفة بين الأفراد والمؤسسات، وتعزز التعاون بين فرق العمل المختلفة، كما تساعد في تقليل تكرار الأخطاء وتحسين جودة الخدمات والمنتجات.

النجاح في إدارة المعرفة يتطلب وجود بيئة تنظيمية تشجع على التعلم المستمر والابتكار. يجب على المؤسسات تطوير سياسات وهياكل إدارية تشجع الموظفين على مشاركة معرفتهم وخبراتهم، مع الاهتمام بالتدريب المستمر واستخدام التقنيات الحديثة لتحليل ومعالجة البيانات الضخمة. المؤسسات التي تتبنى إدارة المعرفة بفعالية تكون أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات السريعة في السوق، وتحقيق ميزة تنافسية مستدامة.

من ناحية أخرى، الاقتصاد المعرفي هو مفهوم أوسع يشير إلى الاقتصاد الذي يعتمد بشكل أساسي على إنتاج المعرفة وتوزيعها واستخدامها كعامل رئيسي في النمو الاقتصادي. في هذا الاقتصاد يلعب الابتكار والتكنولوجيا والتعليم دوراً محورياً في تحسين الإنتاجية وتعزيز القدرة التنافسية. تعتمد الدول المتقدمة على الاستثمار في البحث والتطوير لتعزيز الاقتصاد المعرفي، حيث أصبحت الصناعات القائمة على التكنولوجيا العالية مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والعلوم الحيوية والذكاء الاصطناعي محركات رئيسية للنمو الاقتصادي.

 إدارة المعرفة تشكل جزءاً أساسياً من الاقتصاد المعرفي، حيث تساعد المؤسسات على تحسين أدائها من خلال تحسين استغلال المعرفة. المؤسسات التي تتبنى أساليب فعالة لإدارة المعرفة تكون أكثر قدرة على الابتكار والتكيف مع التغيرات والاستفادة من الفرص الجديدة في الاقتصاد المعرفي.