الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
القطاع غير الربحي أحد الركائز المحورية في دعم التنمية المستدامة وتحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي، لا سيما في رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التي وضعت له مكانةً استراتيجية ضمن أهدافها.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة في تنظيم هذا القطاع، إلا أنه لا يزال يواجه عددًا من التحديات، من أبرزها التحديات التشريعية والتنظيمية التي تُعيق نموه واستدامته، ومنها عدم وجود إطار تشريعي مُوحد ينظم جميع أنشطة الكيانات غير الربحية بمختلف أنواعها (جمعيات، مؤسسات، شركات غير ربحية، أوقاف، مبادرات مجتمعية)؛ حيث تتولى الصلاحيات التنظيمية عدد من الجهات الحكومية؛ مما يؤدي إلى ازدواجية في التنظيمات أو تأخير في الإجراءات، ويقلل من فاعلية حوكمة القطاع.
ومن أبرز التحديات التي تواجه القطاع كذلك صعوبة إجراءات التأسيس والتراخيص، وهذا التحدي يواجه مختلف الممارسين في الكيانات غير الربحية؛ حيث يواجه عدد من الممارسين صعوبات تتعلق بإجراءات التسجيل، والتراخيص، والموافقات الأمنية أو الفنية، وهو ما ينعكس سلبًا على سهولة ممارسة النشاط غير الربحي، ويؤثر على استقطاب المهتمين في المجال.
ونرى أن أهم أسباب تحديات صعوبة تأسيس الكيانات غير الربحية هو عدم وجود وحدات تنظيمية مُفعلة في الجهات الحكومية بالشكل المأمول، بالإضافة لعدم وجود اتفاقيات مستوى خدمة لمدد دراسة طلبات تأسيس الكيانات غير الربحية؛ حيث أن مدد الدراسة الحالية لطلبات التأسيس من الجانب الفني والأمني تقديرية.
وأن المعايير التنظيمية للتنبؤ بحالة قبول طلبات التأسيس ورفضها غير معلومة في مختلف الكيانات غير الربحية، ويوجد تفاوت بين جهة وأخرى في قبول طلبات التأسيس ورفضها لأسباب شكلية أو موضوعية؛ على الرغم من وجود تعليمات وتوجيهات واضحة على جميع الجهات لتأسيس إدارات أو أقسام للإشراف على القطاع غير الربحي وتحفيز نموه.
كما أنه من ضمن التحديات التي تواجه الكيانات غير الربحية ضعف التشريعات الحالية التي تدعم الاستدامة المالية؛ لأن التشريعات بوضعها الراهن لا تقدم حوافز مالية مستردة وغير مستردة بشكل كافي لتأمين مصادر تمويل مُستدامة؛ سواءً من خلال الاستثمارات، أو المشاريع ذات العائد، أو الشراكات مع القطاع العام والخاص.
كما أن الإعفاءات الضريبية والمحاسبية ليست واضحة وشاملة، وهو ما يضعف الجاذبية حيال الاستثمار الجماعي في القطاع مما يتضح معه أهمية دراسة اقتراح مشروع نظام للاستثمار الاجتماعي غير الربحي، بالإضافة لما سبق يرى بعض الممارسين في الكيانات غير الربحية أن القطاع يواجه تحدي في ضعف الأطر القانونية والتنظيمية التي تعزز الشفافية والمساءلة؛ وذلك لأهمية الشفافية والمساءلة في القطاع غير الربحي، إلا أن كثيرًا من الجهات تعاني من قصور في تعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة؛ بما في ذلك الالتزامات تجاه أصحاب المصلحة، ونشر التقارير المالية، والممارسات الإدارية الرشيدة؛ مما يؤثر على مستوى الحوكمة، وقد يؤدي إلى تراجع الثقة المجتمعية في الكيانات غير الربحية.
ومن التحديات الجوهرية التي تواجه القطاع غير الربحي الحاجة إلى دراسة الاحتياج التشريعي لوضع اطار تنظيمي شامل يهدف لتفعيل الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع غير الربحي؛ حيث لا يوجد تنظيمات قائمة توضح آلية الشراكات المؤسسية بين القطاع غير الربحي والقطاعين العام والخاص؛ حيث أن الشراكات بين مختلف القطاعات هي أهم مقومات النجاح والاستدامة، ولا تزال هناك فجوات تنظيمية ذات صلة بالتنسيق والعمل المشترك، أو تبادل البيانات بين القطاعات مما تظهر معه الحاجة إلى اقتراح مشروع نظام لمشاركة البيانات والمعلومات بين مختلف القطاعات.
ورغم التقدم الملحوظ في جهود المملكة لتفعيل دور القطاع غير الربحي، إلا أن التحديات التشريعية والتنظيمية القائمة قد تعيق نمو هذا القطاع واستدامته، ولذلك نرى أهمية وضع وتطوير إطار تنظيمي شامل وموحد ومتكامل، ومرن، ويعكس متطلبات المرحلة القادمة؛ لتمكين هذا القطاع ليؤدي دوره التنموي والاجتماعي بكفاءة وفاعلية؛ بما يحقق مستهدفات القطاع في رؤية المملكة 2030 الطموحة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال