الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في احدى الشركات التي تتربع على قمة السوق وتُعد رمزاً للريادة والتميز، بدأت ملامح صراع إداري غير مُعلن بين اثنين من كبار المديرين: فارس، مدير قسم التخطيط الاستراتيجي، وماهر، مدير قسم العمليات. كلاهما يحمل طموحاً لقيادة الشركة بعد قرب تقاعد الرئيس التنفيذي الحالي. وكما تصطدم الأمواج العالية، بدا أن المواجهة بينهما حتمية.
كان فارس شخصية قيادية تتميز بالجرأة والرؤية المستقبلية، يؤمن بأن القيادة الحقيقية تعني المجازفة الذكية والانطلاق إلى آفاق جديدة. في المقابل، كان ماهر واقعياً يقدّر الاستقرار والالتزام بالخطط المدروسة، ويعتقد أن النجاح المستدام يحتاج إلى خطوات محسوبة لا تتأثر بالمغامرات غير المضمونة.
رغم الاختلاف الظاهري بين أسلوبيهما، كان كلاهما ناجحاً في مجاله، الأمر الذي أثار تساؤلات حول من سيكون الأنسب لقيادة الشركة مستقبلاً.
بدأ التوتر بين فارس وماهر يظهر للعلن في أحد الاجتماعات التنفيذية. عرض فارس خطة طموحة لتوسع الشركة في أسواق جديدة عبر استثمار كبير في التقنيات الحديثة. وبأسلوبه الحماسي المعتاد، قال:
“إذا أردنا أن نواصل الريادة، علينا أن نتحرك بسرعة ونغتنم الفرص قبل أن يسبقنا المنافسون”.
لكن ماهر لم يتردد في الرد بحزم قائلاً:
القيادة لا تعني الجري نحو المجهول. التقدم الحقيقي يحدث عندما نبني على أسس متينة ونضمن استقرار عملياتنا الحالية أولاً.
تباينت الآراء داخل قاعة الاجتماع، وبدا أن فارس وماهر يقودان تيارين مختلفين داخل الشركة. وبدأ الجميع يترقب كيف سينتهي هذا الصراع غير المُعلن بينهما.
مع تصاعد الخلافات، قرر الرئيس التنفيذي عقد اجتماع استثنائي لمناقشة مستقبل الشركة واستراتيجيتها، وهو اجتماع بدا أشبه بساحة منافسة مباشرة بين فارس وماهر.
بدأ ماهر حديثه بتقديم عرض تفصيلي حول أرقام الشركة وأدائها الحالي، وأكد على ضرورة الحفاظ على استقرار العمليات وتقليل المخاطر قبل التفكير في أي توسع. ثم قال بحزم:
القيادة تعني حماية ما حققناه والبناء عليه دون التسرع في قرارات قد تهدد مستقبلنا.
بعده جاء دور فارس، الذي ألقى نظرة واثقة على الحضور قبل أن يقول:
القيادة الحقيقية هي القدرة على التقدم رغم التحديات. من لا يخاطر لا يفوز، وإذا أردنا أن نبقى في القمة، علينا أن نكون سبّاقين.
عمّ الصمت بعد أن أنهى كلاهما حديثه. كان الجميع يدرك أن هذا الاجتماع قد يكون مفصلياً في تحديد مَن منهما سيقود الشركة مستقبلاً.
بعد الاجتماع، جلس فارس وماهر معاً في قاعة خالية. كانت هذه أول مرة يتحدثان بعيداً عن أعين الآخرين. تبادل الاثنان نظرات مطولة، قبل أن يقول ماهر بهدوء:
نختلف كثيراً يا فارس، لكننا نسعى لهدف واحد: نجاح الشركة.
ابتسم فارس وأجاب:
ربما لو جمعنا بين طريقتينا، سنحقق نجاحاً أعظم.
توقّف ماهر لوهلة، ثم قال بابتسامة:
ربما القيادة ليست صراعاً على من يفوز، بل في إيجاد الطريق الذي يفوز فيه الجميع.
خلال الأسابيع التالية، تغيّر المشهد بالكامل. بدلاً من المنافسة، بدأ فارس وماهر يعملان معاً لصياغة استراتيجية متوازنة تجمع بين الابتكار والطموح من جهة، والاستقرار والانضباط من جهة أخرى. ومع مرور الوقت، تحولت الشركة إلى مثال يُحتذى به في كيفية إدارة الاختلافات القيادية وتحويلها إلى نقطة قوة.
وهكذا، لم يفز فارس وحده، ولم ينتصر ماهر بمفرده، بل انتصرت الشركة، التي باتت رمزاً لفكرة أن القيادة الحقيقية ليست صراعاً على القمة، بل في رفع القمة نفسها إلى أعلى، بأيدي الجميع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال