هل تؤثر تقلبات النفط على مستقبل الطاقة المتجددة في السعودية؟

تواجه السعودية حقيقة أن أسعار النفط المتقلبة تشكل عامل ضغط حقيقي على تمويل مشاريع الطاقة المتجددة ضمن رؤية 2030 خاصة وأن موازنة الدولة تعتمد بشكل أساسي على صادرات النفط التي تشكل 75٪ من الإيرادات المالية الحكومية.

في الوقت الحالي يبلغ متوسط سعر البرميل نحو 60 الى 66 دولاراً حسب تقارير سوق النفط العالمية في أوائل 2025 ( بغض النظر عن التقلبات السعرية الان بسبب الحرب) مما يقلص إيرادات السعودية مقارنة بما كانت عليه عند مستويات 90 إلى 100 دولار سابقاً.

هذا التذبذب السعري قد يؤدي إلى تقليل الإنفاق الحكومي على مشاريع الطاقة المتجددة التي تركز على إطلاق 70 غيغاواط بحلول عام 2030 بما يتضمّن مشروعات كبرى مثل محطة سدير 1.5 غيغاواط.

إضافة لذلك فإن بعض المؤسسات المصرفية والجهات الاستثمارية تعتمد على تدفقات النفط كمصدر للضمانات الائتمانية ما يعني أن تقلب الأسعار يرفع من تكلفة الاقتراض ويجعل التمويل أصعب بشأن مشروعات الطاقة الخضراء.
وفي سيناريو انخفاض ممتد للأسعار مثل مستوى 50 دولاراً أو أقل هنا من الممكن أن تضطر بعض المشاريع الحكومية مثل نيوم والقدية والإكسبو للتأخير أو إعادة جدولة التمويل بسبب ضغط العجز العام وحاجة وزارة المالية لتقليص النفقات.

وفي الجانب الآخر تميل الشركات الخاصة والشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية نحو ترشيد الإنفاق في حال تأجيل الإيقاف على أسعار الطاقة في ضوء احتمالية ضعف العائد المالي من استثمارات الطاقة الشمسية وهو ما يبطئ وتيرة الاعتماد على الطاقة المتجددة داخلياً.

ومع ذلك فإن الدراسات الأكاديمية تشير إلى أن مشاريع الطاقة المتجددة قد تساعد في تخفيف أثر تقلبات النفط مثل ما تؤكد تقديرات تقرير KAPSARC أن رؤية 2030 حسّنت مرونة الاقتصاد ضد صدمات أسعار النفط بنسبة 10% إلى 60% بحسب آليات التنويع الاقتصادي.

وفي الوقت الحالي تشهد السعودية انتقالاً نحو تحوّط مالي عبر تأسيس صناديق سيادية جديدة ترتبط بمشاريع الطاقة المتجددة وضمانات حكومية وهذا يخفف من تأثير تقلبات أسعار النفط على تمويل المشاريع الخضراء.
أيضاَ بعض المستثمرين الأجانب وخاصة من الصين واليابان مرتبطون بعقود BOT طويلة الأجل ما يكفل استمرار المشاريع حتى في حال انخفاض الإيرادات العامة.

وأخيراً التسارع الحاصل في تكلفة الطاقة الشمسية باستثناء انخفاض أسعار الألواح الكهروضوئية العالمية أدى إلى خفض تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية الريادية إلى ما بين 2 الى 3 سنت لكل كيلوواط ساعة مما يجعلها خياراً منافساً حتى عند أسعار نفط منخفضة.

أخيراً تقلب أسعار النفط يشكل تهديد حقيقي لكن أمر يمكن إدارته عبر آليات تمويل ذكية وتنويع مصادر الدخل والحوكمة المالية وترسيخ الشراكات الآمنة مما يوفر تمهيد لمسار طاقة متجددة ثابت ومستدام حتى في وجه تقلب السوق النفطي.